للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمِلْكِ، من قِبَلِ أنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَقَ المالَ لِبَنِى آدَمَ لِيَسْتَعِينُوا به على القِيَامِ بِوَظَائِف العِبَادَاتِ، وأعْبَاء التَّكَالِيفِ، قال (١) اللهُ تَعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢). فبالآدَمِيَّةِ يَتَمَهَّدُ لِلْمِلْكِ ويَصْلُحُ له، كما يَتَمَهَّدُ لِلتَّكْلِيفِ والعِبادَةِ، فعلى هذا لا زكاةَ على السَّيِّدِ فى مَالِ العَبْدِ؛ لأنَّه لا يَمْلِكُهُ، ولا على العَبْدِ؛ لأنَّ مِلْكَهُ نَاقِصٌ، والزكَاةُ إنما تَجِبُ على تَامِّ المِلْكِ.

فصل: ومن بَعْضُه حُرٌّ عليه زَكَاةُ مَالِهِ؛ لأنَّه يَمْلِكُه (٣) بِجُزْئِه الحُرِّ، ويُورَثُ عنه، ومِلْكُه كَامِلٌ فيه (٤)، فكانت زكاتُه عليه، كالحُرِّ الكَامِلِ. والمُدَبَّرُ وأُمُّ الوَلَدِ كالقِنِّ؛ لأنَّه لا حُرِّيَّةَ فيهما.

٤١٨ - مسألة؛ قال: (وَلَا زكَاةَ عَلَى مُكَاتَبٍ)

فإنْ عَجَزَ اسْتَقْبَلَ سَيِّدُه بما فى يَدِه من المَالِ حَوْلًا وزَكَّاهُ، إن كان نِصَابًا، وإن أَدَّى، وبَقِىَ فى يَدِهِ نِصَابٌ لِلزَّكَاةِ، اسْتَقْبَلَ به حَوْلًا. لا نَعْلَمُ (١) خِلَافًا بين أهْلِ العِلْمِ فى أنَّه لا زكاةَ على المُكَاتَبِ؛ ولا على سَيِّدِهِ فى مَالِهِ، إلَّا قَوْلَ أبى ثَوْرٍ. ذَكَرَ ابْنُ المُنْذِرِ نَحْوَ هذا. واحْتَجَّ أبو ثَوْرٍ بأنَّ الحَجْرَ من السَّيِّدِ لا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، كالحَجْرِ على الصَّبِىِّ والمَجْنُونِ والمَرْهُونِ. وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ، أنَّه أوْجَبَ العُشْرَ فى الخَارِجِ من أرْضِهِ، بِنَاءً على أصْلِه فى أن العُشْرَ مُؤْنَةُ الأرْضِ، وليس بِزَكَاةٍ. ولَنا، ما رُوِىَ أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "لَا زَكَاةَ فِى مَالِ المُكَاتَبِ" (٢). رَوَاه الفُقَهاءُ فى كُتُبِهِم، ولأنَّ الزكاةَ تَجِبُ على طَرِيقِ المُوَاسَاةِ،


(١) فى م: "فإن" خطأ.
(٢) سورة البقرة ٢٩.
(٣) فى أ، م: "يملك".
(٤) سقط من: الأصل.
(١) فى أ، م: "أعلم".
(٢) أخرجه البيهقى، فى: باب من قال زكاة ماله على مالكه وإن العبد لا يملك، من كتاب الزكاة. السنن=

<<  <  ج: ص:  >  >>