للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُنْكِرِ بالبَيْعِ لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه إقْرارٌ على غيرِه، فلا يُقْبَلُ في حَقِّه، ولا تُقْبَلُ شَهَادَتُه عليه، وليست الشُّفْعةُ من حُقُوقِ العَقْدِ، فيُقْبَلُ فيها قولُ البائِعِ، فصَارَ بمَنْزِلَةِ ما لو حَلَفَ أَنِّى ما اشْتَرَيْتُ الدّارَ، فقال مَنْ كانتِ الدّارُ مِلْكًا له: أنا بعْتُه إيَّاها. لم يُقْبَلْ عليه في الحِنْثِ، ولا يَلْزَمُ إذا أقَرَّ البائِعُ بالبَيْعِ، والشِّقْصُ في يَدِه فأنْكَرَ المُشْتَرِى الشِّراءَ؛ لأنَّ الذي في يَدِه الدّارُ مُقِرٌّ بها للشَّفِيعِ، ولا مُنَازِعَ له فيها سِوَاهُ، وههُنا مَن الدَّارُ في يَدِه يَدَّعِيها لِنَفْسِه، والمُقِرُّ بالبَيْعِ لا شىءَ في يَدِه، ولا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِ الشِّقْصِ، فافْتَرَقَا.

فصل: وإذا كانت دارٌ بين رَجُلَيْنِ، فادَّعَى كلُّ واحدٍ منهما على صَاحِبِه أنَّه يَسْتَحِقُّ ما في يَدَيْهِ بالشُّفْعَةِ، سَأَلْناهُما: متى مَلَكْتُماها؟ فإن قالا: مَلَكْناها دَفْعَةً واحِدَةً. فلا شُفْعةَ لأَحَدِهِما على الآخَرِ؛ لأنَّ الشُّفْعةَ إنَّما تَثْبُتُ بمِلْكٍ سابِقٍ في مِلْكٍ مُتَجَدِّدٍ بعدَه، وإن قال كلُّ واحدٍ منهما: مِلْكِى سابِقٌ. ولأَحَدِهِما بَيِّنَةٌ بما ادَّعاهُ، قُضِىَ له، وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بَيِّنةٌ، قَدَّمْنَا أسْبَقَهُما تارِيخًا، وإن شَهِدَتْ بَيِّنةُ (٢٥) كلِّ واحدٍ منهما بِسَبْقِ مِلْكِه، وتَجَدُّدِ مِلْكِ صَاحِبه، تَعَارَضَتَا. وإن لم تكنْ [لكُلِّ واحدٍ] (٢٦) منهما بَيِّنَةٌ نَظَرْنا إلى السَّابِقِ بالدَّعْوَى، فقَدَّمْنا دَعْوَاه، وسَأَلْنا خَصْمَه، فإن أنْكَرَ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، فإن حَلَفَ، سَقَطَتْ دَعْوَى الأَوَّلِ، ثم تُسْمَعُ دَعْوَى الثاني على الأَوَّلِ، فإن أنْكَرَ وحَلَفَ، سَقَطَتْ دَعْوَاهُما جَمِيعًا. وإن ادَّعَى الأَوَّلُ، فنَكَلَ الثاني عن اليَمِينِ، قَضَيْنَا عليه، ولم تُسْمَعْ دَعْواه؛ لأنَّ خَصْمَه قد اسْتَحَقَ مِلْكَه. وإن حَلَفَ الثاني، ونَكَلَ الأَوَّلُ، قَضَيْنا عليه.

فصل: إذا اخْتَلَفَ المُتَبايِعَانِ في الثَّمنِ، فادَّعَى البائِعُ أنَّ الثَّمنَ أَلْفانِ، وقال المُشْتَرِى: هو أَلْفٌ. فأقَامَ البائِعُ بَيِّنةً أن الثَّمنَ ألْفانِ، أخَذَهُما من المُشْتَرِى. ولِلشَّفِيعِ أخْذُه بالأَلْفِ (٢٧)؛ لأنَّ المُشْتَرِى مُقِرُّ له باسْتِحْقَاقِه بأَلْفٍ، ويَدَّعِى أنَّ البائِعَ


(٢٥) سقط من: ب.
(٢٦) في ب، م: "لواحد".
(٢٧) في ب: "بألف".

<<  <  ج: ص:  >  >>