للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلم؛ منهم مُجاهِدٌ، والثَّوْرِىُّ، والشافِعِىُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولا فَرْقَ بين الكِتابِىّ العربِىّ وغيرِه، إلَّا أَنَّ فى نَصارَى العربِ اخْتلافًا ذكَرْناه فى باب الجِزْيَةِ (٦). وسُئِلَ مكحولٌ عن ذبائِح العَرَبِ. فقال: أمَّا بَهْرَا وَتَنُوخُ وسُليْحٌ، فلا بَأْسَ، وأمَّا بنو تَغْلِبَ فلا خَيْرَ فى ذبائِحِهم. والصحيحُ إباحَةُ ذبائِح الجميعِ، لعُمومِ الآيَةِ فيهم.

فصل: فإنْ كان أحَدُ أَبَوَى الكِتابِىّ ممَّنْ لا تَحِلُّ ذَبِيحَتُه، والآخَرُ ممَّنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُه، فقال أصحابُنا: لا يَحِلُّ صَيْدُه ولا ذَبِيحَتُه. وبه قال الشافِعِىُّ إذا كان الأَبُ غيرَ كتابِىٍّ، وإِنْ كان الأَبُ كتابِيًّا ففيه قَوْلان، أحدُهما، تُباحُ. وهو قولٌ مالِكٍ، وأبى ثَورٍ. والثانى، لا تُباحُ؛ لأنَّه وُجِدَ ما يَقْتَضِى التَّحْريمَ، والإِبَاحَةَ، فغُلِّبَ ما يقْتضِى التَّحْريمَ، كما لو جَرَحَه مسلِمٌ ومَجوسِىٌّ، وبيانُ وُجودِ ما يقْتَضِىِ التَّحريمَ، أَنَّ كَونه ابنَ مَجُوسِىّ أو وَثَنِىٍّ يقْتَضِى تحريمَ ذبيحَتِه. وقال أبو حَنِيفة: تُباحُ ذبِيحَتُه بكلِّ حالٍ، لعمومِ النَّصِّ، ولأنَّه كتابِىٌّ يُقَرُّ على دِينِه، فتَحِلُّ ذَبِيحَتُه، كما لو كان ابْنَ كتابِيَّيْن. [وأمَّا إنْ] (٧) كان ابنَ وَثَنِيَّيْن أو مَجُوسِيَّيْن، فمُقْتَضَى مذْهَبِ الأَئِمَّةِ الثلاثَةِ تحريمُه، ومُقْتَضَى مذهبِ أبى حَنِيفَةَ حِلُّه؛ لأنَّ الاعْتِبارَ بدِينِ الذَّابِحِ، لا بِدينِ (٨) أبيهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الاعْتِبارَ فى قَبُولِ الجِزْيَةِ بذلك، ولعُمومِ النَّصِّ والقِياسِ.

فصل: فأما ما ذَبَحُوه لكنائِسِهم وأعْيادِهم (٩)، فنَنْظُرُ فيه؛ فإنْ ذَبَحَه لهم مسلِمٌ، فهو مُباحٌ. نصَّ عليه. وقال أحمدُ، وسُفيانُ الثَّوْرِىُّ (١٠)، فى الْمَجُوسِىِّ يَذْبحُ لإِلهِهِ (١١)، ويدفعُ الشاةَ إلى المسلمِ يَذْبَحُها فيُسَمِّى: يجوزُ الأَكْلُ منها. وقال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ: سَأَلْتُ أحمدَ عمّا يُقَرَّبُ لآلِهَتِهم، يَذْبَحُه رجُلٌ. مسلِمٌ، قال: لا بَأْسَ به. وإِنْ ذَبَحَها


(٦) تقدم فى صفحة ٢٢٣.
(٧) فى ب: "وإن".
(٨) فى ب: "دين".
(٩) فى ب: "أو لأعيادهم".
(١٠) سقط من: الأصل، ب.
(١١) فى ب: "للآلهة".

<<  <  ج: ص:  >  >>