للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَعَقْدِ الإزارِ. فإن لم يَكُنْ في الهِمْيانِ نَفَقَةٌ، لم يَجُزْ عَقْدُه، لِعَدَمِ الحاجَةِ إليه، وكذلك المِنْطَقَةُ. وقد رُوِىَ عن ابنِ عمرَ أنَّه كَرِهَ الهِمْيانَ والمِنْطَقَةَ لِلْمُحْرِمِ، وكَرِهَهُ نَافِعٌ مَوْلَاه. وهو مَحْمُولٌ على ما لبس فيه نَفَقَةٌ؛ لما تَقَدَّمَ من الرُّخْصَةِ فيما فيه النَّفَقَةُ، وسُئِلَ أحمدُ عن المُحْرِمِ يَلْبَسُ المِنْطَقَةَ من وَجَعِ الظَّهْرِ، أو حَاجَةٍ إليها. قال: يَفْتَدِى. فقِيلَ له: أفلا تَكُونُ مثلَ الهِمْيانِ؟ قال: لا. وعن ابنِ عمرَ، أنَّه كَرِهَ المِنْطَقَةَ لِلْمُحْرِمِ، وأنَّه أباحَ شَدَّ الهِمْيانِ، إذا كانت فيه النَّفَقَةُ، والفَرْقُ بينهما أنَّ الهِمْيانَ تكونُ فيه النَّفَقَةُ، والمِنْطَقَةُ لا نَفَقَةَ فيها، فَأُبِيحَ شَدُّ ما فيه النَّفَقَةُ، لِلْحَاجَةِ إلى حِفْظِها، ولم يُبَحْ شَدُّ ما سِوَى ذلك. فإن كانت فيهما نَفَقَةٌ، أو لم يكنْ فيهما نَفَقَةٌ، فهما سَوَاءٌ. وقد قالت عائشةُ في المِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ: أوْثِقْ عليكَ نَفَقَتَكَ. فرَخَّصَتْ فيها إذا كانت فيها النَّفَقَةُ. ولم يُبِحْ أحمدُ شَدَّ المِنْطَقَةِ لِوَجَعِ الظَّهْرِ، إلَّا أن يَفْتَدِىَ؛ لأنَّ المِنْطَقَةَ ليستْ مُعَدَّةً لذلك، ولأنَّه فِعْلٌ لِمَحْظُورٍ في الإحْرامِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عن نَفْسِه، أشْبَهَ من لَبِسَ المَخِيطَ لِدَفْعِ البَرْدِ، أو حَلَقَ رَأْسَه لِإزَالَةِ أَذَى القَمْلِ، أو تَطَيَّبَ لأجْلِ المَرَضِ.

٥٧٤ - مسألة؛ قال: (وَلَهُ أنْ يَحْتَجِمَ، ولَا يَقْطَعُ شَعْرًا)

أمَّا الحِجَامَةُ إذا لم يَقْطَعْ شَعْرًا فَمُبَاحَةٌ مِن غيرِ فِدْيَةٍ، في قولِ الجُمْهُورِ؛ لأنَّه تَدَاوٍ بإخْرَاجِ دَمٍ، فأشْبَهَ الفَصْدَ، وبَطَّ الجُرْحِ (١). وقال مالِكٌ: لا يَحْتَجِمُ إلَّا من ضَرُورَةٍ، وكان الحسنُ يَرَى في الحِجامَةِ دَمًا. ولَنا، أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رَوَى أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، احْتَجَمَ وهو مُحْرِمٌ. مُتَّفَقٌ عليه (٢). ولم يَذْكُرْ فِدْيَةً، ولأنَّه لا


(١) بط الدمل: شقه.
(٢) أخرجه البخاري، في: باب الحجامة للمحرم، من كتاب المحصر وجزاء الصيد، وفي: باب الحجامة والقىء للصائم، من كتاب الصوم، وفي: باب الحجم في السفر والإحرام، من كتاب الطب. صحيح البخاري ٣/ ١٩، ٤٣، ٧/ ١٦١. ومسلم، في: باب جواز الحجامة للمحرم، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٦٢، ٨٦٣.
كما أخرجه أبو داود، في: باب المحرم يحتجم، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٦. والترمذى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>