للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٦٣ - مسألة؛ قال: (واللُّقَطَةُ إذَا صَارَتْ بَعْدَ الحَوْلِ كسَائِرِ مالِ المُلْتَقِطِ، اسْتَقْبَلَ بها حَوْلًا، ثم زَكَّاهَا، فإنْ جَاءَ رَبُّهَا زَكَّاهَا لِلْحَوْلِ الَّذِى كَانَ المُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا مِنْهَا)

ظاهِرُ المذهبِ أنَّ اللُّقَطَةَ تُمْلَكُ بمُضِيِّ حَوْلِ التَّعْرِيفِ، واخْتارَ أبو الخَطَّابِ أنَّه لا يَمْلِكُها حتى يخْتار. وهو مذهبُ الشَّافِعِيِّ، ويُذْكَرُ في مَوْضِعِه إن شاءَ اللهُ تعالى. ومتى مَلَكَها اسْتَأْنَفَ حَوْلًا، فإذا مَضَى وَجَبَتْ عليه زَكَاتُها. وحَكَى القاضي في مَوْضِعٍ، أنَّه إذا مَلَكَها وَجَبَ عليه مِثْلُها إنْ كانت مِثْلِيَّةً، أو قِيمَتُها إن لم تكُنْ مِثْلِيَّةً. وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ. ويُذْكَرُ في مَوْضِعِهِ إن شاءَ اللهُ تعالى. ومُقْتَضَى هذا أنْ لا تَجِبَ عليه زَكَاتُها؛ لأنَّه دَيْنٌ، فمَنَعَ الزكاةَ، كسَائِرِ الدُّيُونِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أنْ لا تَجِبَ الزكاةُ فيها لِمَعْنًى آخَرَ، وهو أنَّ مِلْكَهُ غيرُ مُستَقِرٍّ عليها، ولِصَاحِبِها أَخْذُها منه متي وَجَدَها. والمذهبُ ما ذَكَرَهُ الخِرَقِيُّ، وما ذَكَرَهُ القاضي يُفْضِي إلى ثُبُوتِ مُعَاوَضَةٍ في حَقِّ مَنْ لا وِلَايَةَ عليه، بغيرِ فِعْلِه، ولا اخْتِيَارِه، ويَقْتَضِي ذلك أن يَمْنَعَ الدَّيْنُ الذى عليه المِيرَاثَ والوَصِيَّةَ، كسائِرِ الدُّيُونِ، والأمْر بخِلَافِهِ. وما ذَكَرَهُ ابنُ عَقِيلٍ: يَبْطُلُ بما وَهَبَهُ الأبُ لِوَلَدِهِ، وبنصفِ الصَّداقِ، فإنَّ لهما اسْتِرْجَاعَه، ولا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزكاةِ، فأمَّا رَبُّها إذا جاء فأخَذَها، فذَكَرَ الخِرَقِيُّ أنَّه يُزَكِّيها لِلْحَوْلِ الذى كان المُلْتَقِطُ مَمْنُوعًا منها، وهو حَوْلُ التَّعْرِيفِ، وقد ذَكَرْنا في الضَّالِّ رِوَايَتَيْنِ وهذا من جُمْلَتِه. وعلى مُقْتَضَى قَوْلِ الخِرَقِيِّ أنَّ المُلْتَقِطَ لو لم يَمْلِكْها مثلُ مَن لم يُعَرِّفْها، فإنَّه لا زَكَاةَ على مُلْتَقِطِها، وإذا جاء رَبُّها زَكَّاها لِلزَّمانِ كُلِّه، وإنَّما تَجِبُ عليه زَكَاتُها إذا (١) كانت مَاشِيَةً بِشَرْطِ [أن تكونَ] (٢) سائِمَةً عند المُلْتَقِطِ، فإنْ عَلَفَها فلا زَكَاةَ عليه، على ما


(١) في الأصل: "إن".
(٢) في م: "كونها".

<<  <  ج: ص:  >  >>