للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن تَضَمَّنَ فَوَاتَ عَيْنِ المالِ. واحْتَمَلَ أن تَقِفَ على الإِجَازَةِ؛ لأنَّ في الأَعْيانِ غَرَضًا صَحِيحًا، وكما لا يجوزُ إِبْطالُ حَقِّ الوارِثِ في قَدْرِ حَقِّه، لا يجوزُ من عَيْنِه.

فصل: وإذا مَلَكَ المَرِيضُ مَن يَعْتِقُ عليه بغيرِ عِوَضٍ، عَتَقَ ووَرِثَ. وبهذا قال مالِكٌ، وبعضُ أصْحابِ الشافِعِيِّ. وحكاه الْخَبْرِىُّ مَذْهَبًا للشافِعِيِّ. ولا خِلَافَ بين هؤلاءِ في أنَّه إذا مَلَكَه بالمِيرَاثِ، أنَّه يَعْتِقُ ويَرِثُ. وقال أبو حنيفةَ: إن حَمَلَه الثُّلُث، عَتَقَ ووَرِثَ، والَّا سَعَى فيما بَقِىَ عليه، ولم يَرِثْ. ولم يُفَرِّقْ بين أن يَمْلِكَه بِعِوَضٍ أو غيرِه. وقال أبو يوسفَ، ومحمدٌ: يُحْتَسَبُ مِيرَاثُهم من قِيمَتِهِم، فإن فَضَلَ شيءٌ أخَذَه، وإن فَضَلَ عليهم شيءٌ سَعَوْا فيه. ولَنا، أنَّ المَرِيضَ لم يَضَعْ فيهم شيئا من مالِه، وإنما تَعَاطَى سَبَبَ مِلْكِهِم على وَجْهٍ لم يَستقِرَّ، وزَالَ بغيرِ إزَالَتِه، فلم يُحْتَسَبْ عليه من ثُلُثِه، كما لو اتَّهَبَ شَيْئًا فرَجَعَ الواهِبُ فيه قبلَ قَبْضِه، أو اشْتَرَى شَيْئًا فيه غِبْطَةٌ بِشَرْطِ الخِيَارِ ففَسَخَ البائِعُ، أو وَجَدَ بالثّمَنِ عَيْبًا ففَسَخَ البَيْعَ، أو تَزَوَّجَتِ المَرْأةُ فَطُلِّقَتْ قبلَ الدُّخُولِ. وإذا لم تكُنْ وَصِيَّةٌ (٨) تُحْتَسَبُ عليه من الثُّلُثِ، لم يُمْنَع المِيرَاثَ، كما لو ملَكه بالمِيرَاثِ [عندَ من سَلَّمه، أو كما لو كان ذلك في صِحَّتِه، فإن (٩) مَلَكَه بِعِوَضٍ، كالشِّرَاءِ] (١٠)، فحكى الْخَبْرِىُّ عن أحْمَدَ، أنَّه يعتق ويَرِثُ. وهذا قولُ ابنِ الْماجِشُون، وأهلِ البَصْرَةِ. وقال القاضي، في "المُجَرَّدِ": إن مَلَكَه بِعِوَضٍ، وخَرَجَ من الثُّلُثِ، عَتَقَ ووَرِثَ، والَّا عَتَقَ منه بِقَدْرِ الثُلُثِ. وهذا قول مالِكٍ. وقال الخبرِيُّ: وهو أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشافِعِيِّ. [وحكى غيره عن الشافِعِىِّ] (١٠) أنَّه لا فَرْقَ عندَه بين أن يَمْلِكَه بِعِوَضٍ أو غيرِه، وأنَّه إن خَرَجَ مِن الثُّلُثِ عَتَقَ، وإلَّا عَتَقَ منه بِقَدْرِ الثُّلُثِ، ولا يَرِثُ في الحالَيْنِ؛ لأنه لو وَرِثَ لَكان إعْتاقُه وَصِيَّةً


(٨) في أ، م زيادة: "لم".
(٩) في أ: "فأما إن".
(١٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>