للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبى العاصِ: كُنَّا لا نَأْتِى الخِتَانَ على عهدِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا نُدْعَى إليه. ولأنَّ التَّزويجَ يُسْتحَبُّ إعلانُه، وكثرةُ الجَمْعِ فيه، والتَّصويتُ، والضَّربُ بالدُّفِّ، بخلافِ غيرِه. فأمَّا الأمرُ بالإِجابةِ إلى غيرِه، فمَحْمُولٌ على (٥) الاسْتِحْبابِ؛ بدليلِ أنَّه لم يَخُصَّ به دعوةً ذاتَ سَبَبٍ دونَ غيرِها، وإجابةُ كلِّ داعٍ مُسْتحبَّةٌ لهذا الخبرِ، ولأنَّ فيه جبرَ قلبِ الدَّاعى، وتطْييبَ قلبِه، وقد دُعى أحمدُ إلى خِتَانٍ، فأجابَ وأكلَ. فأمَّا الدعوةُ فى حقِّ فاعلِها، فليستْ لها فضيلةٌ تخْتصُّ بها؛ لعَدم ورُودِ الشَّرْعِ بها، ولكنْ هى بمنزلةِ الدَّعوةِ لغيرِ سببٍ حادثٍ، فإذا قَصدَ فاعلُها شُكْرَ نِعْمةِ اللَّهِ عليه، وإطْعامَ إخْوانِه، وبَذْلَ طعامِه، فله أجرُ ذلك، إنْ شاءَ اللَّه تعالى.

١٢٢١ - مسألة؛ قال: (والنِّثَارُ مَكْرُوْهٌ؛ لأَنَّهُ شِبهُ النُّهْبَةِ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مَنْ غَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَى صَاحِبِ النِّثَارِ مِنْهُ)

اخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ فى النِّثَارِ والْتقاطِه؛ فرُوىَ أَنَّ ذلك مكروهٌ فى العُرْس وغيرِه. ورُوِىَ ذلك عن أبى مسعودٍ البَدْرىِّ، وعِكرِمةَ، وابنِ سِيرينَ، وعَطاءٍ، وعبدِ اللَّهِ بن يَزِيد (١) الْخَطْمِىِّ، وطلحةَ، وزُبَيْدٍ الْيَامِىِّ (٢). وبه قال مالكٌ، والشَّافعىُّ. ورُوى عن أحمدَ، روايةٌ ثانيةٌ: ليسَ بمكروهٍ. اخْتارها أبو بكرٍ. وهو قولُ الحَسَنِ، وقَتَادَة، والنَّخَعىِّ، وأبى حنيفةَ، وأبى عُبَيْدٍ، وابن المُنْذِرِ، لِمَا رَوى عبدُ اللَّهِ بنُ قُرْطٍ، قال: قُرِّبَ إلى رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- خَمْسُ بَدَناتٍ أو سِتٌّ، فطَفِقْنَ يَزْدَلِفنَ إليه بِأَيَّتِهِنَّ يبدأُ، فنَحَرها رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقال كلمةً لم أسمعْها، فسألتُ مَن قَرُبَ منه، فقال: قال:


(٥) سقط من: ب، م.
(١) فى النسخ: "زيد". وهو عبد اللَّه بن يزيد بن يزيد الخطمى، نسبة إلى بنى خطمة بن جشم، بطن من الأنصار، له صحبة، شهد الحديبية وهو صغير، وكان أميرا على الكوفة زمن ابن الزبير. اللباب ١/ ٣٨٠، تهذيب التهذيب ٦/ ٧٨.
(٢) زبيد بن الحارث بن عبد الكريم اليامى، نسبة إلى يام بن أصبى بن رافع. بطن من همدان، حدث عن التابعين، وتوفى بعد العشرين ومائة. الباب ٣/ ٣٠٤، تهذيب التهذيب ٣/ ٣١٠، ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>