للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَلَصِّصًا، فوَجَدَ لُقَطةً، عَرَّفَها في دارِ الإِسْلَامِ؛ لأنَّ أمْوَالَهُم مُباحَةٌ له، ثم يكون حُكْمُها حُكْمَ غَنِيمَتِه. ويَحْتَمِلُ أن تكونَ غَنِيمةً له، لا تَحْتاجُ إلى تَعْرِيفٍ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّها من أمْوَالِهِم، وأَمْوَالُهُم غَنِيمَةٌ.

٩٤٤ - مسألة؛ قال: (وإنْ كَانَ المُلْتَقِطُ قَدْ مَاتَ، فَصَاحِبُهَا غَرِيمٌ بِهَا)

وجملةُ ذلك أن المُلْتَقِطَ إذا ماتَ، واللُّقَطَةُ مَوْجُودَةٌ بِعَينِها، قام وارِثُه مَقَامَه في إتْمامِ تَعْرِيفِها إن ماتَ قبل الحَوْلِ، ويَمْلِكُها بعدَ إتْمامِ التَّعْرِيفِ، فإن ماتَ بعدَ الحَوْلِ، وَرِثَها الوارِثُ، كسائِر أمْوالِ المَيِّتِ، ومتى جاءَ صاحِبُها، أخَذَها من الوارِثِ، كما يَأْخُذُها من المَوْرُوثِ، فإن كانت مَعْدُومةَ العَيْنِ، فصَاحِبُها غَرِيمٌ لِلمَيِّتِ بمِثْلِها إن كانت من ذَوَاتِ الأمْثالِ، أو بِقيمَتِها إن لم تكُنْ كذلك، فيأْخُذُ ذلك من تَرِكَتِه إن اتَّسَعَتْ لذلك، وإن ضاقَتْ التَّرِكَةُ زَاحَمَ الغُرَماءُ بِبَدَلِها، سواءٌ تَلِفَتْ بعدَ الحُلُولِ بفِعْلِه أو بغيرِ فِعْلِه؛ لأنَّها قد دَخَلَتْ في مِلْكِه بمُضِيِّ الحَوْلِ. وإن عَلِمَ أنَّها تَلِفَتْ قبلَ الحَوْلِ بغير تَفْرِيطِه، فلا ضَمانَ عليه، ولا شىءَ لِصَاحِبِها؛ لأنَّها أمانَةٌ في يَدِهِ تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطِه، فلم يَضْمَنْها، كالوَدِيعَةِ، وكذلك إن تَلِفَتْ بعدَ الحَوْلِ قبلَ تَمَلُّكِها من غيرِ تَفْرِيطٍ، على رَأْىِ من رَأَى أنَّها لا تَدْخُلُ في مِلْكِه حتى يَتَمَلَّكَها. وقد مَضَى الكَلَامُ في ذلك. فأمَّا إن لم يَعْلَمْ تَلَفَها، ولم يَجِدْها [في تَرِكَتِه] (١)، فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ أنَّ صاحِبَها غَرِيمٌ بها، سواءٌ كان قبلَ الحَوْلِ أو بعدَه؛ لأنَّ الأصْلَ بقاؤُها. وَيَحْتَمِلُ أن لا يَلْزَمَ المُلْتَقِطَ شيءٌ، ويَسْقُطَ حَقُّ صاحِبِها، لأنَّ الأصْلَ بَرَاءَةُ ذِمّةِ المُلْتَقِطِ منها. ويَحْتَمِلُ أن تكونَ قد (٢) تَلِفَتْ بغيرِ تَفرِيطِه، فلا تُشْغَلُ ذِمَّتُه بالشَّكِّ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إن كان المَوْتُ قبلَ الحَوْلِ فلا شىءَ عليه؛ لأنَّها كانت أمانةً عندَه، ولم تُعْلَمْ جِنَايَتُه فيها، والأصْلُ بَرَاءةُ ذِمَّتِه منها. وإن ماتَ بعد الحَوْلِ، فهى في تَرِكَتِه؛


(١) سقط من: الأصل.
(٢) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>