للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٨٩ - مسألة؛ قال: (وفِى الرِّقَابِ، وهُم الْمُكَاتَبُونَ)

لا نعلمُ بين أهلِ العلمِ خلافًا فى ثُبُوتِ سَهْمِ الرِّقَابِ، ولا يختلفُ المذهبُ فى أَنَّ المُكاتَبِينَ من الرِّقابِ يجوزُ صَرْفُ الزَّكاةِ إليهم. وهو قولُ الجمهورِ. وخالَفَهُم مالكٌ، فقال: إنَّما يُصْرَفُ سَهْمُ الرِّقابِ فى إعْتاقِ العَبِيدِ، ولا يُعْجِبُنِى أن يُعانَ منها مُكاتَبٌ. وخالفَ أيضًا ظاهِرَ الآية؛ لأنَّ المُكاتَبَ من الرِّقابِ؛ لأنَّه عَبْدٌ، واللفظُ عامٌّ، فيَدْخُلُ فى عُمُومِه. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يُدْفَعُ إلى المُكاتَبِ جميعُ ما يَحتاجُ إليه لِوَفاءِ كِتَابَتِه، فإن لم يكُنْ معه شىءٌ، جاز أن يُدْفَعَ إليه جَمِيعُها. وإن كان معه شىءٌ، تَمَّمَ له ما يتَخَلَّصُ به؛ لأنَّ حاجَتَه لا تَنْدَفِعُ إلَّا بذلك. ولا يُدْفَعُ إلى مَنْ معه وَفاءُ كِتابَتِه شىءٌ؛ لأنَّه مُسْتَغْنٍ عنه فى وَفاءِ الكِتابةِ. قيل (١): ولا يُدْفَعُ إليه بحُكْمِ الفَقْرِ شىءٌ (٢)؛ لأنَّه عَبْدٌ. ويجوزُ أن يُدْفَعَ إليه فى كِتَابَتِه قبلَ حُلُولِ النَّجْمِ؛ لئلَّا يَحِلَّ النَّجْمُ ولا شىءَ معه، فتَنْفَسِخَ الكِتابةُ. ولا يُدْفَعُ إلى مُكاتَبٍ كافرٍ شىءٌ؛ لأنَّه ليس من مَصَارِفِ الزَّكاةِ. ولا يُقْبَلُ قولُ المُكاتَبِ (٣) إنَّه مُكاتَبٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُها، فإن صَدَّقَه السَّيِّدُ، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، يُقْبَلُ؛ لأنَّ الحَقَّ فى العَبْدِ لِسَيِّدِه، فإذا أقَرَّ بانْتِقالِ حَقِّه عنه قُبِلَ. والثانى، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ فى أنَّه يُواطِئُه ليَأْخُذَ به المالَ.

فصل: ويجوزُ للسَّيِّدِ دَفْعُ زَكاتِه إلى [مُكاتَبِه؛ لأنَّه قد صار معه فى بابِ المُعَامَلةِ كالأجْنَبِىِّ، حتى (٢) يَجْرِىَ بينهما الرِّبَا، فصار كالغَرِيمِ يَدْفَعُ زَكاتَه إلى] (٤) غَرِيمهِ. ويجوزُ للمُكاتَبِ رَدُّها إلى سَيِّدِه بحُكْمِ الوَفاءِ؛ لأنَّها رَجَعَتْ إليه بحُكْمِ الإِيفاءِ، أشْبَه إِيفاءَ الغَرِيمِ دَيْنَه بها. قال ابنُ عَقِيلٍ: ويجوزُ دَفْعُ الزكاةِ إلى سَيِّدِ المُكاتَبِ وَفاءً عن الكِتابةِ.


(١) سقط من: الأصل، أ.
(٢) سقط من: أ.
(٣) فى م: "مكاتب".
(٤) سقط من: ب. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>