للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٢٤ - مسألة؛ قال: (وَلَهُ تَزْوِيجُهَا، وَإِنْ كَرِهَتْ)

وجملتُه أَنَّ للرَّجُلِ تَزْوِيجَ أُمِّ ولدِه، أحَبَّتْ ذلك أم كَرِهَت. وبهذا قال أبو حنيفةَ، رَضِىَ اللَّه عنه. وهو أحَدُ قَوْلَىِ الشافِعِىِّ، واخْتيارُ المُزنِىِّ. وقال فى القديمِ: ليس له تَزْويجُها إِلَّا برِضَاها؛ لأَنَّها قد ثَبَتَ لها حكمُ الحُرِّيَّةِ، على وَجْهٍ لا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إبْطالَها، فلم يَمْلِكْ تَزْويجَها بغيرِ رِضَاها، كالمُكاتبَةِ. وقال فى الثَّالِثِ: ليس له تَزْويجُها، وإِنْ رَضِيَتْ؛ لأَنَّ مِلْكَه فيها قد ضَعُف، وهى لم تكْمُلْ، فلم يَمْلِكْ تَزْويجَها، كاليَتِيمَةِ. وهل يُزَوِّجُها الحاكِمُ على هذا القَوْلِ؟ فيه خِلافٌ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قيل له: إِنَّ مالِكًا لا يَرَى تَزْوِيجَها. فقال: وما نَصْنَعُ بمالِك؟ هذا ابنُ عمرَ، وابنُ عبَّاسِ، يقولان: إذا وَلَدَتْ من غيرِه، كان لوَلَدِها حُكْمُها (١). ولَنا، أنَّها أمَةٌ يَمْلِكُ الاسْتِمْتاعَ بها، واسْتِخْدامَها، فمَلَكَ تَزْويجَها، كالقِنِّ، وفارَقَ (٢) المُكاتبَةَ، فإنَّه لا يَمْلِكُ ذلك منها. والقولُ الثالِثُ فاسِدٌ؛ لذلك، ولأَنَّه يُفْضِى إلى مَنْعِ النِّكاحَ لامْرَأَةٍ بالِغَةٍ مُحْتاجَةٍ إليه. وقولُهم: يُزَوِّجُها الحاكِمُ. لا يَصِحُّ؛ فإِنَّ الحاكِمَ لا يزوِّجُ إِلَّا عندَ عَدَمِ الوَلِىِّ، أو غَيْبَتِه، أو عَضْلِه، ولم يُوجَدْ واحِدٌ منها. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إذا زَوَّجَها فالمَهْرُ له؛ لأَنَّه بمَنْزِلَةِ كَسْبِها، وكسْبُها له. وإذا عَتَقَتْ بمَوْتِه، فإن كان زَوْجُها عبدًا، فلها الخيارُ؛ لأنَّها (٣) عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وإِنْ كان حُرًّا، فلا خِيارَ لها.

٢٠٢٥ - مسألة؛ قال: (وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَهَا)

هذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه عليه الحَدُّ؛ لأَنَّ ذلك يُرْوَى عن ابنِ عمرَ (١). ولأنَّ قَذْفَها قذفٌ لوَلَدِها الحُرِّ، وفيها مَعْنًى يمنَعُ بَيْعَها، فأشْبَهَت الحُرَّةَ. والأَوّلُ أَصَحُّ؛ لأنَّها أَمَةٌ، حُكْمُها حكمُ الإِماءِ، فى أكثر أَحْكامِها، ففى الحَدِّ أوْلَى؛ لأَنَّ الحُدودَ تُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، ويُحْتاطُ لإِسْقاطِها، ولأنَّها أَمَةٌ تعْتِقُ


(١) تقدم تخريجه، فى صفحة ٥٩٩.
(٢) فى م: "وفارقت".
(٣) فى ب، م: "ولأنها".
(١) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب الفرية على أم الولد، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٤٣٩. وابن أبى شيبة، فى: باب من قال. يضرب قاذف أم الولد، من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>