للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلِّ امرأةٍ مُعْتَبَرٌ (١٤) بنَفْسِها، ولذلك لو ثَبَتَث عُنَّتُه فى حَقِّهِنَّ، فرَضِىَ بعضُهنَّ، سَقَطَ حَقُّها وحدَها دُونَ الباقِياتِ، ولأنَّ الفَسْخَ لدَفْعِ الضَّرَرِ الحاصلِ بالعَجْزِ عن وَطْئِها، وهو ثابتٌ فى حَقِّها لا يَزُولُ بوَطْءِ غيرِها. وقوله: كيف يَصِحُّ عَجْزُه عن واحدةٍ دُونَ أُخْرَى؟ قُلْنا: قد تَنْهَضُ شَهْوَتُه فى حَقِّ إحْداهما، لِفَرْطِ حُبِّه إيَّاها، ومَيْلِه إليها، واخْتِصاصِها بجَمالٍ (١٥) ونحوِه (١٦) دون الأُخْرَى. فعلى هذا، لو تَزَوّجَ امرأةً فأصَابَها، ثم أبَانَها، ثم تزَوّجَها، فعَنَّ عنها، فلها المُطالبةُ؛ لأنَّه إذا جازَ أن يَعِنَّ عن امرأةٍ دون أُخْرَى، ففى نِكاحٍ دون نكاحٍ أَوْلَى. وعلى قولِ أبى بكرٍ ومَنْ وافَقَه: لا يَصِحُّ هذا، بل متى وَطِئَ مَرّةً (١٧)، لم تَثْبُتْ عُنَّتُه أبدًا.

١١٩٢ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ جُبَّ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَلَهَا الْخِيارُ فِى وَقْتِهَا)

كأنَّ الْخِرَقِىَّ أراد: إذا ضُرِبَتْ له المدةُ فلم يُصِبْها حتى جُبَّ، ثَبَتَ لها الخِيارُ فى الحالِ. لأنَّنا نَنْتَظِرُ الحَوْلَ لنَعْلَمَ عَجْزَه، وقد عَلِمْناه ههُنا يَقِينًا، فلا حاجةَ إلى الانْتِظارِ. قال القاضى: ويَلْزَمُ على هذا أَنَّ سائرَ العُيُوبِ الحادِثةِ بعدَ العَقْدِ، يَثْبُتُ بها الخِيارُ؛ فإنَّ الخِيارَ ههُنا إنَّما ثَبَتَ (١) بالجَبِّ الحادثِ، ولوْلاه لم يَثْبُت الفَسْخُ؛ لأنَّنا لم نَتَيَقَّنْ عُنَّتَه، والجَبُّ حادِثٌ، فلما ثَبَتَ الفَسْخُ به، عُلِمَ أنَّه إنَّما اسْتُحِقّ بالعَيْبِ الحادِثِ. وفى بعض النُّسَخِ: "قبلَ الدُّخُولِ". ومعناهما واحدٌ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنَّما اسْتَحَقَّ الفَسْخَ ههُنا بالجَبِّ الحادِثِ؛ لأنَّه مُتَضَمِّنُ (٢) مَقْصُودَ العُنَّةِ فى العَجْزِ عن الوَطْءِ، ومُحَقِّقٌ للمَعْنَى الذى ادَّعَتْه المرأةُ، بخِلافِ غيرِه من العُيُوبِ. واللَّهُ أعلمُ.


(١٤) فى الأصل: "يعتبر".
(١٥) فى ب: "بحال".
(١٦) فى م: "وجهها".
(١٧) فى أ: "امرأة".
(١) فى ب، م: "يثبت".
(٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>