للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابقِ. وإن أَقَرَّ المُدَّعَى عليه أنَّها كانتْ مِلْكًا للمُدَّعِى أمس، أو فيما مَضَى، سُمِع إِقْرارُه، وحُكِمَ به، فى الصَّحيحِ؛ لأنَّه حينَئذٍ يحْتاجُ إلى بَيانِ سَبَب انتْقالِها إليه، فيصيرُ هو المُدَّعِى، فيَحْتاجُ إلى البَيِّنَةِ. ويُفارِقُ الْبَيِّنَةَ من وَجْهَيْن، أحدهما، أنَّه أقْوَى من الْبَيِّنَةِ، لكَوْنِه شهادةً من الإِنسانِ على نَفْسِه، ويزولُ به النِّزَاعُ، بخلافِ البَيِّنَةِ، ولهذا يُسْمَعُ [فى المَجْهُولِ، ويُقْضَى به، بخِلافِ البَيِّنَةِ. والثَّانى، أَنَّ الْبَيِّنَةَ لا تُسْمَعُ] (٤٥) إِلَّا على ما ادَّعَاهُ، والدَّعْوَى يجبُ أَنْ تكونَ مُعَلَّقَةً بالحالِ، والإِقْرَارُ يُسْمَعُ ابْتِداءً. وإِنْ شَهِدَتِ البَيِّنَةُ أَنَّها كانتْ فى يَده أمسِ، ففى سَمَاعِها وَجْهَان. وإِنْ أَقَرَّ المُدَّعَى عليه بذلك، فالصَّحِيحُ أنَّها تُسْمَعُ، ويُقْضَى به؛ بما ذَكَرْنا.

فصل: وإن ادَّعَى أمَةً أنَّها له، وأقَامَ بَيِّنَةً، فشَهِدَتْ أنَّها ابنَةُ أمَتِه، أو ادَّعَى ثَمَرَةً، فشهدَتْ له البَيِّنَةُ أنَّها ثَمَرَةُ شَجَرَتِه، لم يُحْكَمْ له بها، لجَوَازِ أَنْ تكونَ وَلَدَتْها قبل تَملُّكِها (٤٦)، وأثْمَرَتِ الشَّجَرَةُ هذه الثَّمَرَة قبلَ مِلْكِه إيَّاها. وإِنْ قالت البَيِّنَةُ: وَلَدتْها فى مِلْكِه، أو أثْمَرتها فى مِلْكِه. حُكِمَ له بها؛ لأنَّها شَهِدَتْ أَنَّها نَمَاءُ مِلْكِه، [ونَمَاءُ مِلْكِهْ] (٤٥) مِلْكُه، ما لم يَرِدْ سَبَبٌ ينْقُلُه عنه. فإنْ قيلَ: فقد قُلْتُمْ: لا تُقْبَلُ شهادَتُه بالمِلْكِ السَّابِقِ، على الصَّحِيحِ، وهده شَهادَةٌ بمِلْكٍ سابقٍ. قُلْنا: الفَرْقُ بينَهما، على تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ، أَنَّ النَّماءَ تَابعٌ للمِلْكِ فى الأَصْلِ، فإثْباتُ مِلْكِه فى الزَّمَنِ الماضِى على وَجْهِ التَّبَعِ، وجَرَى مَجْرَى ما لو قال: مَلَكْتُه منذُ سَنَةٍ. وأقَامَ البَيِّنَةَ بذلك، فإِنَّ مِلْكَه يَثْبُتُ فى الزَّمَنِ الماضِى تَبعًا للحَالِ، ويكونُ له النَّماءُ فيما مَضَى، ولأنَّ الْبَيِّنَةَ ههُنا شَهِدَتْ بسَبَبِ المِلْكِ، وهو وِلادَتُها، أو وُجُودُها فى مِلْكِه، فقَوِيَتْ بذلك، ولهذا لو شَهدَتْ بالسبَّبَ فى الزَّمَنِ الماضِى، فقالتْ: أقْرَضَه ألفًا، أو بَاعَه. ثَبَتَ (٤٧) المِلْكُ وإِنْ لم يذكُرْه، فمع ذِكْرِه أوْلَى. وإِنْ شَهِدَتْ له البَيِّنَةُ أَنَّ هذا [الغَزْلَ من قُطْنِهِ] (٤٨)، وهذا الدَّقِيقَ من حِنْطَتِه، أو أَنَّ (٤٩) هذا الطَّائِرَ من بَيْضَتِه، حُكِمَ له به وإِنْ لم يُضِفْهُ إلى مِلْكِه؛ لأنَّ الغَزْلَ


(٤٥) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٤٦) فى أ، ب: "أن يملكها".
(٤٧) فى الأصل: "ثلث" تحريف.
(٤٨) فى الأصل، أ، ب: "القطن من غزله".
(٤٩) فى م: "وأن".

<<  <  ج: ص:  >  >>