للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلنَّاسِ، فمَكْرُوهٌ؛ لأنَّ فيه زِيَادَةً على مُصِيبتِهم، وشُغْلًا لهم إلى شُغْلِهم، وتَشَبُّهًا (٤) بصَنِيعِ (٥) أهْلِ الجَاهِلِيَّةِ. ورُويَ أنَّ جَرِيرًا وَفَدَ على عمرَ، فقال: هل يُنَاحُ على مَيِّتِكُم؟ قال: لا. قال: فهل يَجْتَمِعُونَ عندَ أهْلِ المَيِّتِ، ويَجْعَلُونَ الطَّعَامَ؟ قال: نعم. قال: ذاكَ النَّوْحُ (٦). وإن دَعَتِ الحاجةُ إلى ذلك جازَ؛ فإنَّه رُبَّما جاءَهم مَن يَحْضُرُ مَيِّتَهم مِن القُرَى والأماكِن البَعِيدَةِ، ويَبِيتُ عِنْدَهم، فلا (٧) يُمْكِنُهم [أنْ لا] (٨) يُضَيِّفُوهُ.

٣٨٨ - مسألة؛ قال: (والْمَرْأَةُ إذَا مَاتَتْ، وفِي بَطْنِها وَلَدٌ يَتَحَرَّكُ، فَلَا يُشَقُّ بَطْنُها، ويَسْطُو عَلَيْهِ الْقَوَابِلُ، فَيُخْرِجْنَهُ)

معنى "يَسْطُو القَوَابِلُ" أن يُدْخِلْنَ أَيْديَهُنَّ في فَرْجِها، فيُخْرِجْنَ الوَلَدَ من مَخْرَجِه. والمذهبُ أنَّه لا يُشَقُّ بَطْنُ المَيِّتَةِ لإِخْراجِ وَلَدِها، مُسْلِمَةً كانت أو ذِمِّيَّةً، وتُخْرِجُه القَوَابِلُ إن عُلِمَتْ حَيَاتُه بحركتِه (١). وإن لم يُوجَدْ نِساءٌ لم يَسْطُ (٢) الرِّجالُ عليه، وتُتْرَكُ أُمُّهُ حتى يُتَيَقَّنَ مَوْتُه، ثم تُدْفَنُ. ومذهبُ مالكٍ، وإسْحاقَ قَرِيبٌ مِن هذا. ويَحْتَمِلُ أن يُشَقَّ بَطْنُ الأُمِّ، إن غَلَب على الظَّنِّ أنَّ الجَنِينَ يَحْيَا، وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ (٣)؛ لأنَّه إتْلَافُ جُزْءٍ من المَيِّتِ لإِبْقَاءِ حَيٍّ، فجَازَ، كما لو خَرَجَ بعضُه حَيًّا، ولم يُمْكِنْ خُرُوجُ بَقِيَّتِه إلَّا بِشَقٍّ، ولأنَّه يُشَقُّ لإِخْراجِ المالِ منه،


(٤) في الأصل: "وتشبيها".
(٥) في أ، م: "بصنع".
(٦) ذكره الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في بلوغ الأمانى ٨/ ٩٥. وعزاه لسعيد بن منصور في سننه.
(٧) في أ، م: "ولا".
(٨) في م: "إلا أن".
(١) في أ، م: "بحركة".
(٢) في النسخ: "يسطو".
(٣) في حاشية م: "مذهب الشافعي في المسألة أظهر. والعمدة في ترجيح حياة الجنين وعدمها قول ثقات الأطباء، بل ثبت بالفعل، فليس أمرا موهوما كما قال المصنف، بناء على تجربة ناقصة".

<<  <  ج: ص:  >  >>