للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلم يَجِبْ به (٣٩) عِوَضٌ كالبَيْعِ الفاسدِ، وإن كان التَّفْريقُ بعد الدُّخولِ، فلها المَهْرُ؛ بدليلِ قولِه عليه السلام: "فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجهَا" (٤٠). وإن تَكَرَّرَ الوَطْءُ فالمَهْرُ واحدٌ؛ للحَدِيثِ، ولأنَّه إصابةٌ فى عَقْدٍ فاسدٍ (٤١)، أشْبَهَ الإصابةَ فى عَقْدٍ صحيح.

فصل: والواجبُ لها مَهْرُ مِثْلِها، أوْمأ إليه أحمدُ؛ فإنَّه قال فى العَبْدِ يتزوَّجُ بغير إذْنِ سَيِّدِه: يُعْطى شيئًا. قال القاضى: يَعْنِى مَهْرَ المِثْلِ. وهو ظاهرُ قولِ الخِرَقىِّ؛ لقوله: "وإذا زوَّج الوَلِيّانِ فالنكاحُ للأَوَّلِ منهما، فإن دَخَلَ بها الثانى فلها مَهْرُ مِثلِها". وهذا مَذْهَبُ الشافعى. والمنصوصُ عن أحمدَ أَنَّ لها المُسَمَّى؛ لأنَّ فى بعضِ ألفاظِ حديثِ عائشةَ: "وَلَهَا الَّذِى أعْطَاهَا بِمَا أصَابَ مِنْهَا". قال القاضى: حدَّثناه أبو بكرٍ البَرْقانِىُّ، وأبو محمدٍ الخَلَّالُ، بإسنادَيْهِما. وقال أبو حنيفةَ: الواجبُ الأقَلُّ من المُسَمَّى أو مَهْرِ المِثْلِ؛ لأنَّها إن رَضِيَتْ بدون مَهْرِ مِثْلِها فليس لها أكثَرُ منه، كالعَقْدِ الصحيحِ، وإن كان المُسَمَّى أكْثَرَ لم يَجِبِ الزّائِدُ؛ لأنَّه [بِعَقْدٍ غيرِ صحيحٍ] (٤٢). ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَلَهَا المَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا". فجَعَلَ لها المَهْرَ (٤٣) بالإِصابةِ، والإصابةُ إنَّما تُوجِبُ مَهْرَ المِثْلِ، ولأنَّ العَقْدَ ليس بمُوجبٍ، بدَلِيلِ الخبرِ، وأنَّه لو طَلَّقَها قبلَ مَسَّها لم يكُنْ لها شىءٌ، وإذا لم يكُنْ مُوجِبًا كان وُجُودُه كعَدَمِه، وبَقِىَ (٤٤) الوَطْءُ مُوجِبًا بمُفْرَدِه، فأوْجَبَ مَهْرَ المِثلِ، كوَطْءِ الشُّبْهةِ، ولأنَّ التَّسْميةَ لو فَسدَتْ لَوَجَبَ مهرُ المِثْلِ، فإذا فَسدَ العَقْدُ من أصلِه كان (٤١) أوْلَى. وقولُ


(٣٩) فى الأصل: "فيه".
(٤٠) تقدم تخريجه فى: ٥/ ٨٨، وفى صفحة ٣٤٥.
(٤١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤٢) فى م: "بغير عقد صحيح".
(٤٣) فى م زيادة: "المميز".
(٤٤) فى الأصل: "ويبقى".

<<  <  ج: ص:  >  >>