للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقتِها، فيُؤَذِّنُ لها كالأُولَى. ولَنا، على الجَمْعِ في وقت الأُولَى، ما رَوَى جابر، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَعَ بين الظهرِ والعصرِ بعرَفةَ، وبين المغرِبِ والعِشَاءِ بمُزْدَلِفَةَ، بأذانٍ وإقَامَتَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٣٠). ولأنَّ الأُولَى منهما في وقتِها، فيُشْرَعُ لها الأذانُ كما لو لم يَجْمَعْهُما.

وأمَّا إذا كان الجَمْعُ في وقتِ الثَّانِيَةِ، فقد رَوَى ابنُ عمرَ، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَعَ بين المَغرِبِ والعِشَاءِ بجَمْعٍ (٣١)، كُلُّ واحدةٍ منهما بِإِقَامَةٍ. رَوَاهُ البُخَارِىُّ (٣٢). وإنْ جَمَعَ بينهما بإقامةٍ، فلا بأسَ؛ لحدِيثٍ آخَرَ (٣٣)، ولأنَّ الأُولَى مَفْعُولَةٌ في غيرِ وقتها، فأَشْبَهَتِ الفَائِتَةَ، والثَّانِيَةَ منهما مَسْبُوقَةٌ بصلاةٍ، فلا يُشْرَعُ لها الأذَانُ، كَالثَّانِيَةِ من الفَوَائِتِ، وما ذَهَبَ إليه مالكٌ يُخَالِفُ الخَبَرَ الصَّحِيحَ، وقد رَوَاهُ في "مُوَطَّئِه" (٣٤)، وذَهَبَ إلى ما سِوَاهُ.

فصل: ويُشْرَعُ الأذانُ في السَّفَرِ للرَّاعِى وأشباهِه، في قولِ أكثَرِ أهلِ العِلْمِ، وكان ابن عمرَ يُقِيمُ لكُلِّ صلاةٍ إقَامَةً، إلَّا الصُّبْحَ، فإنَّهُ يُؤَذِّنُ لها ويُقِيمُ، وكان يقولُ: إنَّمَا الأذانُ على الأميرِ والإِمامِ (٣٥) الَّذى يَجْمَعُ الناسَ، وعنهُ، أنَّهُ كان


(٣٠) في: باب حجة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٨٩٠، ٨٩١. كما أخرجه أبو داود، في: باب صفة حجة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٤٢. والنسائي، في: باب الأذان لمن جمع بين الصلاتين بعد ذهاب وقت الأولى منهما، من كتاب الأذان. المجتبى ٢/ ١٤. وابن ماجه، في: باب حجة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٢٦. والدارمى، في: باب في سنة الحج، من كتاب المناسك. سنن الدارمي ٢/ ٤٨.
(٣١) جمع: هي المزدلفة.
(٣٢) في: باب من جمع بينهما ولم يتطوع، من كتاب الحج. صحيح البخاري ٢/ ٢٠١.
(٣٣) وهو الذي تقدم من حديث ابن عمر، من أنه صلى مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المغرب والعشاء بمزدلفة بإقامة واحدة.
(٣٤) في: باب صلاة المزدلفة، من كتاب الحج. الموطأ ١/ ٤٠١. وفيه: "فلما جاء المزدلفة، نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها، ولم يصل بينهما شيئًا".
(٣٥) في م: "والإِقامة على".

<<  <  ج: ص:  >  >>