للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقْتَضِى اجْتِمَاعَهُما على فِعْلِه، وهو ممَّا يُمْكِنُ، فتَعَلَّقَ بهما. وفارَقَ هذا قولَه: بِعْتُكُما. حيث كان منْقَسِمًا بينهما؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ كونُ المِلْكِ لهما على الاجْتِماعِ، فانْقَسَمَ بينهما. فإن غابَ أحدُ الوَكِيلَيْنِ، لم يكُنْ للآخَرِ أن يَتَصَرَّفَ، ولا لِلْحاكِم ضَمُّ أمِينٍ إليه لِيَتَصَرَّفا؛ لأنَّ المُوَكِّلَ رَشِيدٌ جائِزُ التَّصَرُّفِ، لا وِلايَةَ لِلْحَاكِم عليه، فلا يَضُمُّ الحاكِمُ وَكِيلًا له بغيرِ أمْرِه. وفارَقَ ما لو ماتَ أحدُ الوَصِيَّيْنِ، حيث يُضِيفُ الحاكِمُ إلى الوَصِىِّ أمِينًا لِيَتَصَرَّفَا (٣٤)؛ لِكَوْنِ الحاكِم له النَّظَرُ في حَقِّ المَيِّتِ واليَتِيمِ، ولهذا لو لم يُوص إلى أحَدٍ، أقَامَ الحاكِمُ أمِينًا في النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ. وإن حَضَرَ الحاكِمَ أحَدُ الوَكِيلَيْنِ، والآخَرُ غائِبٌ، وادَّعَى الوَكالَةَ لهما، وأقَامَ بَيِّنَةً سَمِعَها الحاكِمُ، وحَكَمَ بِثُبُوتِ الوَكَالَةِ لهما، ولم يَمْلِك الحاضِرُ التَّصَرُّفَ وَحْدَه، فإذا حَضَرَ الآخَرُ (٣٥) تَصَرَّفَا معا، ولا يَحْتاجُ إلى إِعادَةِ البَيِّنَةِ؛ لأنَّ الحاكِمَ سَمِعَها لهما مَرَّةً. فإن قِيل: هذا حُكْمٌ للغائِبِ. قُلْنا: يجوزُ تَبَعًا لِحَقِّ الحاضِرِ، كما يجوزُ أن يَحْكُمَ بالوَقْفِ الذي يَثْبُتُ لمن لم يُخْلَقْ لأَجْلِ من يَسْتَحِقُّه في الحالِ، كذا ههُنا. وإن جَحَدَ الغائِبُ الوَكالةَ، أو عَزَلَ نَفْسَه، لم يكُنْ للآخَرِ أن يَتَصَرَّفَ. وبما ذَكَرْناه قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِىُّ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وجَمِيعُ التَّصَرُّفاتِ في هذا سَوَاءٌ. وقال أبو حنيفةَ: إذا وَكَّلَهما في خُصُومَةٍ، فلكلِّ واحد منهما الانْفِرَادُ بها. ولَنا، أنَّه لم يَرْضَ بِتَصَرُّفِ أحَدِهِما، أشْبَه البَيْعَ والشِّرَاءَ.

٨٤١ - مسألة؛ قال: (وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أنْ يُوَكِّلَ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ، إلَّا أنْ يَجْعَلَ ذلِكَ إلَيْهِ)

لا يَخْلُو التَّوْكِيلُ من ثلاثةِ أحْوالٍ:

أحدُها، أن يَنْهَى المُوَكِّلُ وَكِيلَه عن التَّوْكِيلِ، فلا يجوزُ له ذلك بغيرِ خِلَافٍ، لأنَّ


(٣٤) في أ، ب، م: "ليتصرف".
(٣٥) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>