للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ذكَرْناه، وهو أوْلَى؛ لأنَّ البُعْدَ الذي يَمْنَعُه من رُؤْيَتِه، يَمْنعُه من تَأْدِيبِه، وتَعْلِيمِه، ومُراعاةِ حالِه، فأشْبَهَ مَسافةَ القَصْرِ. وبما ذكرْناه من تَقْديمِ الأبِ عند افْتراقِ الدارِ بهما، قال شُرَيحٌ، ومالكٌ، والشافعيُّ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: إن انْتقَلَ الأبُ، فالأمُّ أحَقُّ به، وإن انْتقَلتِ الأمُّ إلى البلدِ الذي (١١) كان فيه أصْلُ النكاحِ، فهى أحَقُّ، وإن انْتقَلتْ إلى غيرِه، فالأبُ أحَقُّ. وحُكِىَ عن أبي حنيفةَ: إن انتقلتْ من بَلَدٍ إلى قريةٍ، فالأبُ أحَقُّ، وإن انتقلتْ إلى بلدٍ آخَرَ، فهى أحَقُّ؛ لأنَّ في البَلَدِ يُمْكِنُ تَعْلِيمُه وَتَخْريجُه. ولَنا، أنَّه اخْتلَفَ مَسْكنُ الأبَوَيْنِ، فكان الأبُ أحَقَّ، كما لو انْتَقَلَتْ من بلدٍ، إلى قريةٍ، أو إلى بلدٍ لم يكُنْ فيه أصْلُ النكاحِ، وما ذكروه لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الأبَ في العادةِ هو الذي يقومُ بتَأْدِيبِ ابْنِه وتخريجِه وحِفْظِ نَسَبِه، فإذا لم يكُنْ في بلَدِه ضاعَ، فأشْبَهَ ما لو كان في قَرْيةٍ. وإن انْتَقَلَا جميعًا إلى بلدٍ واحدٍ، فالأُمُّ (١٢) باقيةٌ على حَضَانَتِها. وكذلك إن أخَذَه الأبُ لِافْتراقِ البَلَدَيْنِ، ثم اجْتَمَعا، عادتْ إلى الأُمِّ حضَانَتُها. وغيرُ الأُمِّ ممَّن له الحضانةُ من النِّساءِ، يقومُ مقامَها، وغيرُ الأبِ من عَصَباتِ الوَلَدِ، يقومُ مَقامَه، عند عَدَمِهِما، أو كَوْنِهما من غيرِ أهْلِ الحَضانةِ.

١٤٠٢ - مسألة؛ قال: (فَإنْ لَمْ تَكُنْ أُمٌّ، أوْ تَزَوَّجَتِ الْأُمُّ، فَأُمُّ الْأَبِ أَحَقُّ مِنَ الْخَالَةِ)

في هذه المسألة فَصْلان:

أحدهما: أنَّ الأمَّ إذا تَزوَّجَتْ، سقَطَتْ حَضانَتُها. قال ابن المُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا كلُّ مَنْ أحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ. قَضَى به شُرَيحٌ، وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن الحَسَنِ، أنَّها لا تَسْقُطُ بالتَّزْوِيجِ. ونَقَلَ مُهَنَّا عن أحمدَ: إذا تزَوَّجَتِ الأمُّ، وابْنُها صغيرٌ، أُخِذَ منها. قيل له: فالجارِيةُ مثلُ الصَّبِىِّ؟ قال:


(١١) سقط من: م.
(١٢) في أ، م: "الأم".

<<  <  ج: ص:  >  >>