للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَحَلَّلَ إلَّا بعد الصِّيامِ، كما لا يَتَحلَّلُ وَاجِدُ الهَدْىِ إلَّا بِنَحْرِهِ (١). وهل يَلْزَمُهُ الحَلْقُ أو التَّقصِيرُ مع ذَبْحِ الهَدْىِ أو الصِّيَامِ؟ ظاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه لا يَلْزَمُهُ؛ لأنَّه لم يَذكُرْهُ. وهو إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عن أحمدَ؛ لأنَّ اللهَ تعالى ذَكَرَ الهَدْىَ وَحْدَهُ، ولم يَشْرُطْ سِوَاهُ. والثانية، عليه الحَلْقُ أو التَّقْصِيرُ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَلَقَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وفِعلُه فى النُّسُكِ دَلَّ على الوُجُوبِ. ولَعَلَّ هذا يَنْبَنِى على أن الحِلَاقَ نُسُكٌ أو إطْلَاقٌ من مَحْظُورٍ، على ما يُذكَرُ فى مَوْضِعِه، إن شاءَ اللهُ.

فصل: ولا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، على (٢) ما ذَكَرْنَا، فيَحْصُلُ الحِلُّ بِشَيْئَيْنِ؛ النَّحْرُ، أو الصَّوْمُ والنِّيَّةُ، إن قُلْنَا: الحِلَاقُ ليس بِنُسُكٍ. وإن قُلْنَا: هو نُسُكٌ. حَصَلَ بِثلاثةِ أشْيَاءَ؛ الحِلَاقُ مع ما ذَكَرْنَا. فإن قِيلَ: فلِمَ اعْتَبَرْتُم النِّيَّةَ هاهُنا، وهى فى غير المُحْصَرِ غيرُ مُعْتَبَرَةٍ؟ قُلْنا: لأنَّ من أتَى بِأفْعالِ النُّسُكِ، فقد أتَى بما عليه، فيَحِلُّ منها بإكْمَالِها، فلم يَحْتَجْ إلى نِيَّةٍ، بخِلافِ المُحْصَرِ (٣)، فإنَّهُ يُرِيدُ الخُرُوجَ من العِبَادَةِ قبلَ إكْمَالِهَا، فَافْتَقَرَ إلى قَصْدِه، ولأنَّ الذَّبْحَ قد يكونُ لغيرِ الحِلِّ (٤)، فلم يَتَخَصَّصْ إلَّا بِقَصْدِهِ، بِخِلافِ الرَّمْي، فإنَّه لا يكونُ إلَّا لِلنُّسُكِ، فلم يَحْتَجْ إلى قَصْدِهِ (٥).

فصل: فإن نَوَى التَّحَلُّلَ قبلَ الهَدْىِ أو الصِّيَامِ، لم يَتَحَلَّلْ، وكان على إحرَامِهِ حتى يَنْحَرَ الهَدْىَ أو يَصُومَ؛ لأنَّهما أُقِيمَا مُقامَ أفْعَالِ الحَجِّ، فلم يَحِلَّ قَبْلَهما، كما لا يَتَحَلَّلُ القَادِرُ على أفْعالِ الحَجِّ [قَبْلَها. وليس عليه فى نِيَّةِ الحِلِّ فِدْيَةٌ؛ لأنَّها لم تُؤَثِّرْ فى العِبادَةِ، فإن فَعَلَ شيئا من مَحْظُورَاتِ الإحْرَامِ قبلَ ذلك، فعليه فِدْيَتُهُ، كما لو فَعَلَ القادِرُ ذلك (٦) قبلَ أفعالَ الحَجِّ] (٧).


(١) فى الأصل: "بعد نحره".
(٢) فى أ، ب، م: "مع".
(٣) فى الأصل: "غير المحصر". وفى ب، م: "المحصور".
(٤) فى أ: "التحلل".
(٥) فى الأصل: "قصد".
(٦) سقط من: ب، م.
(٧) سقط من: أ. نقلة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>