للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: والحُكْمُ فى الكافِرِ يُسْلِمُ، والمَجْنُونِ يُفِيقُ، حُكْمُ الصَّبِىِّ يَبْلُغُ (٨) فى جَمِيعِ ما فَصَّلْنَاهُ، إلَّا أنَّ هذيْن لا يَصِحُّ منهما إحْرَامٌ، ولو أحْرَما لم يَنْعَقِدْ إِحْرَامُهما؛ لأنَّهما من غيرِ أهْلِ العِبادَاتِ، ويكونُ حُكْمُهما حُكْمَ مَن لم يُحْرِمْ.

فصل: وقد بَقِىَ من أحْكامِ حَجِّ العَبْدِ أرْبَعَةُ فُصُولٍ: أحَدُها، فى حُكْمِ إحْرَامِه. الثانى، فى حُكْمِ نَذْرِهِ لِلْحَجِّ. الثالثُ، فى حُكْمِ ما يَلْزَمُه من الجناياتِ على إحْرَامِه. الرابعُ، حُكْمُ إفْسادِهِ وفَوَاتِه.

الفصل الأوَّلُ فى إحْرَامِه: وليسَ لِلْعَبْدِ أن يُحْرِمَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ به حُقُوقَ سَيِّدِه الوَاجِبَةَ عليه، بالْتِزَامِ ما ليس بِوَاجِبٍ، فإن فَعَلَ، انْعَقَدَ إحْرامُه صَحِيحًا، لأنَّها عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فَصَحَّ من العَبْدِ الدُّخُولُ فيها بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، كالصلاةِ والصَّوْمِ، ولِسَيِّدِه تَحْلِيلُه فى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لأنَّ فى بَقائِه عليه تَفْوِيتًا لِحَقِّه من مَنافِعِه بِغيرِ إذْنِه، فلم يلْزَمْ ذلك سَيِّدَه، كالصَّوْمِ المُضِرِّ بِبَدِنِه. وهذا اخْتِيارُ ابنِ حامِدٍ. وإذا حَفَلَه منه كان حُكْمُه حُكْمَ المُحْصَرِ. والثانية، ليس له تَحْلِيلُه. وهو اخْتِيارُ أبي بكرٍ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه التَّحَلُّلُ مِن تَطَوُّعِه، فلم يَمْلِكْ تَحْلِيلَ عَبْدِه. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّه الْتَزَمَ التَّطَوُّعَ باخْتِيارِ نَفْسِه، فنَظِيرُه أن يُحْرِمَ عَبْدُه بإذْنِه، وفى مَسْألَتِنَا يُفَوِّتُ حَقَّه الوَاجِبَ بغيرِ اخْتِيَارِه. فأمَّا إن أحْرَمَ بإذْنِ سَيِّدِه، فليس له تَحْلِيلُه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: له ذلك؛ لأنَّه مَلَّكَهُ مَنَافِعَ نَفْسِه، فكان له الرُّجُوعُ فيها، كالمُعِيرِ يَرْجِعُ فى العارِيَّةِ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ لازِمٌ، عَقَدَه بإِذْنِ سَيِّدِه، فلم يكنْ لِسَيِّدِه مَنْعُه منه (٩)، كالنِّكاحِ، ولا يُشْبِهُ العَارِيَّةَ، لأنَّها ليستْ لازِمَةً. ولو أعارَه شيئًا لِيَرْهَنَهُ، فرَهَنَهُ، يَكُنْ له الرُّجُوعُ


(٨) سقط من: أ، ب، م.
(٩) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>