للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسْتِنَانٌ بفارِسَ والرومِ! لا يُحْمَلُ إلىَّ رأسٌ، فإنَّما يَكْفِى الكتابُ والخَبَرُ (١٨). وقال الزُّهْرِىُّ: لم يُحْمَلْ إلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رأْسٌ قَطُّ، وحُمِلَ إلى أبى بَكْرٍ رأَسٌ فأَنْكَرَ، وأوّلُ مَنْ حُمِلَتْ إليه الرُّءُوسُ عبدُ اللَّه بنُ الزُّبَيْرِ. ويُكْرَه رَمْيُها فى الْمَنْجَنِيقِ. نَصَّ عليه أحمد. وإِنْ فَعَلُوا ذلك لمَصْلَحَةٍ جازَ، لما رَوَيْنا، أَنَّ عمرَو بن العاص حينَ حاصَرَ الإِسْكَنْدَرِيَّة، ظُفِرَ برجُلٍ من المُسْلِمين، فأَخَذُوا رَأْسَهُ، فجاءَ قومُه عَمْرًا مُغْضَبِين (١٩)، فقال لهم (٢٠) عَمْرو: خُذُوا رَجُلًا منهم فاقْطَعُوا رَأْسَه، فارْمُوا به إليهم فى الْمَنْجَنِيقِ، فَفَعَلُوا ذلك، فَرَمَى أهلُ الإِسْكَنْدرِيَّةِ رأْسَ المسلمِ إلى قَوْمِه (٢١).

فصل: يجوزُ قَبُولُ هَدِيَّةِ الكُفَّارِ من أَهل الحَرْبِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبِلَ هَدِيَّةَ المُقَوْقِسِ صاحِبِ مصرَ (٢٢). فإنْ كان ذلك فى حالِ الغَزْوِ، فقال أبو الخَطَّابِ: ما أهْدَاهُ المشركون لأَمِيرِ الجَيْشِ، أو لِبَعْضِ قُوّادِه، فهو غَنِيمَةٌ؛ لأنَّه لا يفعلُ ذلك إلَّا لخَوْفِه من المسلمين. فظاهِرُ هذا أنَّ ما أُهْدِىَ لآحادِ الرَّعِيَّةِ فهو له. وقال القاضِى: هو غَنِيمَةٌ أيضًا. وإِنْ كان ين دارِ الحَرْبِ إلى دارِ الإِسلامِ، فهو لِمَنْ أُهْدِىَ (٢٣) له، سواءٌ كان الإِمامَ أو غيرَه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَبِلَ الهَدِيَّةَ، فكانَتْ له دونَ غيرِه (٢٤). وهذا قولُ الشافِعِىِّ ومحمد [بن الحسن] (٢٥). وقال أبو حَنِيفة: هو للمُهْدَى له بكُلِّ حالٍ؛ لأنَّه خُصَّ بها، أشْبَهَ إذا كان فى دارِ الإسلامِ. وحُكِىَ ذلك رِوايَةً عن أحمد. ولَنا، أنَّه أخَذَ ذلك بظَهْرِ الجيشِ، أشْبَهَ ما (٢٦) أخَذَه قَهْرًا، ولأنَّه إذا أهْدَى للإِمامِ أو الأمير (٢٧)، فالظَاهِرُ أنَّه يُدارِى


(١٨) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى نقل الرؤوس، من كتاب الجهاد. السنن الكبرى ٩/ ١٣٢. وسعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى حمل الرؤوس، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٢٤٥، ٢٤٦.
(١٩) فى أ: "متغضبين".
(٢٠) سقط من: أ.
(٢١) ذكره ابن عبد الحكم، فى فتوح مصر وأخبارها ٧٦.
(٢٢) أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى هدايا المشركين، من كتاب الجزية. السنن الكبرى ٩/ ٢١٥. وابن أبى شيبة، فى: باب قبول هدايا المشركين، من كتاب الجهاد. المصنف ١٢/ ٤٧٠.
(٢٣) فى الأصل، أ، ب: "أهديت".
(٢٤) انظر: الموضع السابق فى السنن الكبرى.
(٢٥) سقط من: م.
(٢٦) فى م زيادة: "لو".
(٢٧) فى الأصل، أ، ب: "أمير".

<<  <  ج: ص:  >  >>