للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُضافُ إليه، كيَدِ الإِنْسَانِ ورَأْسِه وأطْرَافِه.

١٤١ - مسألة؛ قال: (وَيَنْوِى بِهَا المَكْتُوبَةَ، يَعْنِى بِالتَّكْبِيرَةِ. وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الأُمَّةِ في وُجُوبِ النِّيَّةِ لِلصَّلَاةِ، وأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِهَا)

والأصْلُ فيه قَوْلُ اللهِ تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}. (١) والإِخلاصُ عَمَلُ القَلْب، وهو النِّيَّةُ، وإرَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ دونَ غيرِهِ، وقَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وإنَّمَا [لِكُلِّ امْرِىءٍ] (٢) مَا نَوَى". ومعنى النِّيَّةِ القَصْدُ، ومَحَلُّهَا القلبُ. وإنْ لَفَظَ بِما نَوَاهُ، كان تَأْكِيدًا (٣). فإنْ كانت الصلاةُ مَكْتُوبَةً، لَزِمَتْهُ نِيَّةُ الصلاةِ بعَيْنِهَا؛ ظُهْرًا، أو عَصْرًا، أو غَيْرَهما، فيَحْتاجُ إلى نِيَّةِ شَيْئَيْنِ؛ الفِعْلِ، والتَّعْيِينِ.

واخْتَلَفَ أصحابُنا في نيَّةِ الفَرْضِيَّةِ؛ فقال بعضُهم: لا يَحْتَاجُ إليها، لأنَّ التَّعْيِينَ يُغْنى عنها؛ لكَوْنِ الظُّهْرِ مثلا لا يكونُ إلَّا فَرْضًا مِن المُكَلَّفِ. وقال ابن حامِدٍ: لا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الفَرْضِيَّةِ؛ لأن المُعَيَّنةَ قد تكونُ نَفْلًا، كظُهْرِ الصَّبِيِّ والمُعَادَةِ، فَيَفْتَقِرُ إلى ثلاثة أشياء؛ الفِعْلِ، والتَّعْيِينِ، والفَرْضِيَّةِ. ويَحْتَمِلُ هذا كلامُ الْخِرَقِيِّ؛ لقولِه: "يَنْوى بهَا المَكتُوبَةَ" أي الواجبةَ المُعَيَّنَةً. والألِفُ واللَّامُ هنا للمَعْهُودِ، أي أنَّها المكتوبَةُ الحاضِرَةُ. وقال القاضي: ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِيِّ، أنَّه لا يَفْتَقِرُ إلى التَّعْيِينِ؛ لأنَّه إذا نَوَى المَفْروضَةَ انْصَرَفَت النِّيَّةُ إلى الحَاضِرَةِ. والصَّحِيحُ أنَّه لَا بُدَّ مِن التَّعْيِينِ، والألِفُ واللَّامُ هنا للْمَعْهُودِ، كما ذكرنا، والحُضُورُ لا يكفِى عن النَّيِّةِ؛ بِدَلِيلِ أنَّه لم يُغْنِ عن نيَّةِ المكتوبةِ، وقد يَكُونُ عليهِ صلواتٌ، فلا تَتَعَيَّنُ إحْدَاهُنَّ بدُونِ التَّعْيِينِ.


(١) سورة البينة ٥.
(٢) في الأصل: "لامرىء".
(٣) ذكر ابن القيم في هديه -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصلاة، أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يتلفظ بالنية ألبتة، وأن ما يفعله المحدثون من ذلك بدعة، لم تنقل عنه لفظة مما يتلفظون به بإسناد صحيح ولا ضعيف، ولا مسند ولا مرسل، بل ولا عن أحد من أصحابه. زاد المعاد ١/ ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>