وتَكْفِينِه، ودَفْنِه [على الرَّاهِنِ؛ لأنَّ ذلك تَابعٌ لِمُؤْنَتِه، فإنَّ كلَّ مَن لَزِمَتْه مُؤْنَةُ شَخْصٍ كانتْ مُؤْنَتُهُ كتَجْهِيزِه ودَفْنِه](٤) عليه، كسَائِرِ العَبِيدِ والإمَاءِ والأقَارِبِ من الأحْرارِ.
فصل: وإن كان الرَّهْنُ ثَمَرَةً، فاحْتَاجَتْ إلى سَقْىٍ وتَسْوِيَةٍ وجِذَاذٍ، فذلك على الرَّاهِنِ، وإن احْتَاجَتْ إلى تَجْفِيفٍ، والحَقُّ مُؤَجَّلٌ، فعليه التَّجْفِيفُ؛ لأنَّه يَحْتاجُ أن يَسْتَبْقِيَها رَهْنًا حتى يَحِلَّ الحَقُّ. وإن كانت حالًّا، بِيعَتْ ولم يَحْتَجْ إلى تَجْفِيفِها. وإن اتَّفَقَا على بَيْعِها وجَعْلِ ثَمَنِها رَهْنًا بالحَقِّ المُؤَجَّلِ، جازَ، وإن اخْتَلَفَا فى ذلك، قُدِّمَ قولُ مَن يَسْتَبْقِيها بِعَيْنِها؛ لأنَّ العَقْدَ يَقْتَضِى ذلك، إلَّا أن يكونَ ممَّا تَقِلُّ قِيمَتُه بالتَّجْفِيفِ، وقد جَرَتِ العَادَةُ بِبَيْعِه رَطْبًا، فإنَّه يُباعُ، ويُجْعَلُ ثَمَنُه مَكَانَه. وإن اتَّفَقَا على قَطْعِ الثمَرةِ فى وَقْتٍ، فلهما ذلك، سواءٌ كان الحقُّ حالًّا أو مُؤَجَّلًا، وسواء كان الأَصْلَحُ القَطْعَ أو التَّرْكَ؛ لأنَّ الحَقَّ لا يَخْرُجُ عنهما، وإن اخْتَلَفَا قَدَّمْنَا قولَ من طَلَبَ الأَصْلَحَ، إن كان ذلك قبلَ حُلُولِ الحَقِّ. وإن كان الحَقُّ حَالًّا قُدِّمَ قولُ مَن طَلَبَ القَطْعَ؛ لأنَّه إن كان المُرْتَهِنَ، فهو طَالِبٌ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّه الحالِّ، فَلَزِمَ إجَابَتُه، وإن كان الرَّاهِنَ، فهو يَطْلُبُ تَبْرِئَةَ ذِمَّتِه، وتَخْلِيصَ عَيْنِ مِلْكِه من الرَّهْنِ، والقَطْعُ أحْوَطُ من جِهَةِ أنَّ فى تَبْقِيَتِه غَرَرًا. ذَكَرَ القاضى هذا فى المُفْلِسِ، وهو قولُ أكْثَر أصْحابِ الشَّافِعِىِّ، وهذا فى مَعْنَاه. ويَحْتَمِلُ أن يُنْظَرَ فى الثَّمَرةِ، فإن كانت تَنْقُصُ بالقَطْعِ نَقْصًا كَثِيرًا، لم يُجْبَرِ المُمْتَنِعُ من قَطْعِها عليه؛ لأنَّ ذلك إتْلَافٌ، فلا يُجْبَرُ عليه؛ كما لا يُجْبَرُ على نَقْضِ دَارِهِ لِيَبِيعَ أنْقَاضَها، ولا على ذَبْحِ فَرَسِه لِيَبِيعَ لَحْمَها، وإن كانت الثَّمَرةُ ممَّا لا يُنْتَفَعُ بها قبلَ كَمَالِها، لم يَجُزْ قَطْعُها قبلَه، ولم يُجْبَرْ عليه بحالٍ.