للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حالةَ وَطْئِه إلَّا بإقرارِه بذلك. فإنْ قال: وَطِئْتُها عالمًا بأننى كُنتُ طلَّقتُها ثلاثًا. كانَ إقرارًا منه بالزِّنَى، فيُعْتَبَرُ فيه ما يُعْتَبرُ فى الإِقْرارِ بالزِّنَى.

١٢٨٦ - مسألة؛ قال: (وإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَقَضَتِ الْعِدَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ، ثُمَّ أَصَابَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا، وَقَضَتِ الْعِدَّةَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الأَوَّلُ، فَهِىَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِىَ مِنَ الثَّلَاثِ)

وجملةُ ذلك أَنَّ المُطَلِّقَ إذا بانَتْ زَوْجتُه منه، ثم تَزَوَّجَها، لم يَخْلُ مِن ثلاثةِ أحْوالٍ؛ أحدُها، أَنْ تَنْكِحَ غيرَه، ويُصِيبَها، ثم يَتَزَوَّجَها الأوّلُ، فهذه تَرْجِعُ إليه على طَلاقٍ ثلاثٍ، بإجماعِ أهلِ العلمِ، قالَه ابنُ المُنْذِرِ. والثّانى، أَنْ يُطَلِّقَها دونَ الثّلاثِ، ثم تَعُودَ إليه برَجْعةٍ، أو نكاحٍ جديدٍ قبلَ زوجٍ ثانٍ، فهذه تَرْجِعُ إِليه على ما بَقِىَ مِن طلاقِها، بغيرِ خلافٍ نَعْلَمُه. والثّالثُ، طَلقَها دونَ الثَّلاثِ، فقَضَتْ عِدَّتَها، ثم نَكَحَتْ غيرَه، ثم تَزَوَّجَها الأوَّلُ، فعن أحمدَ فيها روايتانِ؛ إحْداهما، تَرْجِعُ إليه على ما بَقِىَ مِن طلاقِها. وهذا قولُ الأكابرِ مِن أصحابِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ عمرَ، وعلىٍّ، وأُبىٍّ، ومُعَاذٍ (١)، وعِمْرانَ بنِ حُصَينٍ، وأبى هُرَيْرَةَ. ورُوِىَ ذلك عن زيدٍ، وعبدِ اللَّهِ بنِ عمرِو ابنِ العاص. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّب، وعَبِيدةُ، والحسنُ، ومالك، والثَّوْرِىُّ، وابنُ أبى ليلى، والشَّافعِىُّ، وإسحاقُ، وَأبو عُبَيْدَةَ، وأبو ثَوْرٍ، ومحمدُ بنُ الحسنِ، وابنُ المُنْذِرِ. والرِّوايةُ الثّانيةُ، عن أحمدَ، أنَّها تَرْجِعُ إليه على طلاقِ ثلاثٍ. وهذا قولُ ابن عمرَ، وابنِ عبَّاسٍ، وعَطاءٍ، والنَّخَعِىِّ، وشُرَيحٍ (٢)، وأبى حنيفةَ، وأبى يوسفَ؛ لأنَّ وَطْءَ الزَّوجِ الثَّانى مُثْبِث لِلْحِلِّ، فيثْبِتُ حِلَّا يَتَّسِعُ لثلاثِ طَلقاتٍ (٣)، كما بَعْدَ الثَّلاثِ، لأنَّ وَطْءَ (٤) الثَّانى يَهْدِمُ الطَّلقاتِ الثَّلاثَ، فأوْلَى أَنْ يَهْدِمَ ما دونَها. ولَنا، أَنَّ وَطْءَ الثَّانى


(١) سقطت الواو من: أ، ب، م.
(٢) فى النسخ: "وسريج".
(٣) فى م: "تطليقات".
(٤) فى ب، م: "الوطء".

<<  <  ج: ص:  >  >>