للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بَقِىَ عليها شيءٌ (١٢) من عِدَّتِها، لَزِمَها أن تَأْتِىَ به في مَنْزِلِ زَوْجِها، بلا خلافٍ نعْلمُه بينَهم في ذلك؛ لأنَّه أمْكَنَها الاعْتِدادُ فيه، فلَزمَها، كما لو لم تُسافِرْ منه.

فصل: ولو كانتْ عليها حِجَّةُ الإِسْلامِ، فمات زَوْجُها، لَزِمَتْها العِدَّةُ في مَنْزِلِها وإن فاتَها الحجُّ؛ لأنَّ العِدَّةَ في المنزلِ تَفُوتُ، ولا بَدَلَ لها، والحجُّ يُمْكِنُ الإِتْيانُ به في غيرِ هذا العامِ. وإن مات زَوْجُها بعدَ إحْرامِها بحجِّ الفَرْضِ، أو بحجٍّ (١٣) أَذِنَ لها زَوْجُها فيه، نَظَرْتَ؛ فإن كان وَقْتُ الحجِّ مُتَّسِعًا، لا تخافُ فوتَه، ولا فوتَ الرُّفْقةِ، لَزِمَها الاعْتِدادُ في منزِلِها؛ لأنَّه أمْكَن الجمعُ بين الحَقَّيْنِ، فلم يَجُزْ إسقاطُ أحَدِهما، وإن خَشِيَتْ فَواتَ الحجِّ، لَزِمَها المُضِيُّ فيه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُها المُقامُ وإن فاتَها الحجُّ؛ لأنَّها مُعْتَدَّةٌ، فلم يَجُزْ لها أن تُنْشِئَ سَفَرًا، كما لو أحْرَمَتْ بعدَ وُجُوبِ العِدَّةِ عليها. ولَنا، أنَّهما عِبادَتانِ اسْتَوَيَا في الوُجُوبِ، وضِيقِ الوَقْتِ، فوَجَبَ تَقْديمُ الأسْبَقِ منهما، كما لو كانت العِدَّةُ أسْبَقَ، ولأنَّ الحجَّ آكَدُ؛ لأنَّه أحَدُ أركانِ الإِسْلامِ، والمَشَقَّةُ بتَفْوِيتِه تَعْظُمُ، فوَجَبَ تَقْدِيمُه، كما لو مات زوجُها بعدَ أن بَعُدَ سَفَرُها إليه. وإن أحْرَمَتْ بالحجِّ بعدَ مَوْتِ زوجِها، وخَشِيَتْ فَواتَه، احْتَمَلَ أن يجوزَ لها المُضِيُّ إليه؛ لما في بقائِها في الإِحْرامِ من المَشَقَّةِ، واحْتَمَلَ أن يَلْزَمَها الاعْتِدادُ في منزِلِها؛ لأنَّ العِدَّةَ أسْبَقُ، ولأنَّها فَرَّطَتْ وغَلَّظَتْ على نَفْسِها، فإذا قَضَتِ العِدَّةَ، وأمْكَنها السَّفَرُ إلى الحجِّ، لَزِمَها ذلك، فإن أدْرَكَتْه، وإلَّا تحَلَّلَتْ بعملِ عُمْرةٍ، وحكْمُها فى القضاءِ حُكْمُ مَنْ فاتَه الحجُّ. وإن لم يُمْكِنْها السَّفَرُ، فحُكْمُها حكمُ المُحْصَرِ (١٤)، كالتى يَمْنَعُها زَوجُها من السَّفَرِ. وحكمُ الإِحْرامِ بالعُمْرةِ كذلك، إذا خَيفَ فواتُ الرُّفْقةِ أو لم يُخَفْ.

فصل: وإذا أَذِنَ لها زوجُها للسَّفَرِ لغيرِ النُّقْلةِ، فَخَرَجَتْ، ثم مات زوجُها،


(١٢) سقط من: ب.
(١٣) في الأصل: "حج".
(١٤) في ب، م: "المحسر" تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>