فصل: إذا قَبِلْنا إقْرَارَه بالرِّقِّ بعدَ نِكَاحِه، لم يَخْلُ من أن يكونَ ذَكَرًا أو أُنْثَى، فإن كان ذَكَرًا، فإن كان قبلَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُه في حَقِّه؛ لأنَّه مُقِرٌّ أنَّه عَبْدٌ تَزَوَّجَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، ولها عليه نِصْفُ المَهْرِ؛ لأنَّه حَقٌّ عليه، فلم يَسْقُطْ بقَوْلِه، وإن كان بعدَ الدُّخُولِ، فَسَدَ نِكَاحُه أيضًا، ولها عليه المَهْرُ جَمِيعُه، لما ذَكَرْنا؛ لأنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ. فإذا أقَرَّ بما يُوجِبُ الفُرْقَةَ، لَزِمَتْه، وَوَلَدُه حُرٌّ تابِعٌ لأُمِّه. وإن كان مُتَزَوِّجًا بأَمَةٍ، فوَلَدُه لِسَيِّدِها، ويَتَعَلَّقُ المَهْرُ بِرَقَبَتِه؛ لأنَّ ذلك من جِنَايَاتِه، ويَفْدِيه سَيِّدُه أو يُسَلِّمُه. وإن كان في يَدِه كَسْبٌ، اسْتَوْفَى المَهْرَ منه؛ لأنَّه لم يَثْبُتْ إقْرَارُه به لِسَيِّدِه بالنِّسْبةِ إلى امْرَأتِه، فلا يَنْقَطِعُ حَقُّها منه بإقْرَارِه. وإن قُلْنا: يُقْبَلُ قولُه في جَمِيعِ الأحْكامِ، فالنِّكَاحُ فاسِدٌ؛ لكَوْنِه تَزَوَّجَ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِه، ويُفَرّقُ بينهما، ولا مَهْرَ لها عليه إن لم تَكُنْ مَدْخُولًا بها، وإن كان دَخَلَ بها، فلها عليه المَهْرُ المُسَمَّى جَمِيعُه، في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى خُمْسَاه. وإن كان اللَّقِيطُ أُنْثَى، فالنِّكاحُ صَحِيحٌ في حَقِّه. وإن كان قبلَ الدُّخُولِ، فلا مَهْرَ لها؛ لإِقْرَارِها بِفَسَادِ نِكَاحِها، وأنها أمَةٌ تَزَوَّجَتْ بغيرِ إذْنِ سَيِّدِها، والنِّكَاحُ الفاسِدُ لا يَجِبُ المَهْرُ فيه إلَّا بالدُّخُولِ. وإن كان دَخَلَ بها، لم يَسْقُطْ مَهْرُها، ولِسَيِّدِها الأقَلُّ من المُسَمَّى أو مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ المُسَمَّى إن كان أقَلَّ، فالزَّوْجُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الزِّيَادَةِ عليه، وقولُها غير مَقبُولٍ في حَقِّه. وإن كان الأقَلُّ مَهْرَ المِثْلِ، فهى وَسَيِّدُها يُقِرَّانِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ، وأنَّ الواجِبَ مَهْرُ المِثْلِ، فلا يَجِبُ أكْثَرُ منه، إلَّا على الرِّوَايةِ التي يَجِبُ فيها المُسَمَّى في النِّكاحِ الفاسِدِ، فيَجِبُ ههُنا المُسَمَّى، قَلَّ أو كَثُرَ، لِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِوُجُوبِه. وأمَّا الأَوْلادُ، فأحْرَارٌ، ولا تَجِبُ قِيمَتُهُم؛ لأنَّه لو وَجَبَ لَوَجَبَ بِقَوْلِها، ولا يَجِبُ بِقَوْلِها حَقٌّ على غيرِها، ولا يَثْبُتُ الرِّقُّ في حَقِّ أوْلادِها بإقْرَارِها. فأمَّا بَقَاءُ النِّكَاحِ، فيُقال لِلزَّوْجِ: قد ثَبَتَ أنَّها أمَةٌ, وَلَدُها رَقِيقٌ لِسَيِّدِها، فإن اخْتَرْتَ المُقَامَ على ذلك فأَقِمْ، وإن شِئْتَ ففَارِقْها. وسواءٌ كان ممَّن يجوزُ له نِكَاحُ الإِمَاءِ أو لم يكُنْ؛ لأنَّنا لو اعْتَبَرْنَا ذلك، وأَفْسَدْنا نِكَاحَه، لَكان إفْسَادًا لِلْعَقْدِ جَمِيعِه بِقَوْلِها؛ لأنَّ شُرُوطَ نِكَاحِ الأمَةِ لا تُعْتَبَرُ في اسْتِدَامةِ العَقْدِ، إنَّما تُعْتَبَرُ في ابْتِدَائِه. فإن قيل: فقد قَبِلْتُمْ قَوْلَها في أنَّها أمَةٌ في