للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإذا قُلْنا بوُجوبِ الحَدِّ بِقَذْفِ مَنْ لم يَبْلُغْ، لم تَجُزْ إقامتُه حتى يبْلُغَ ويُطالِبَ به بعدَ بُلوغِه، لأنَّ مُطالبتَه قبلَ البُلوغِ لا توجِبُ الحَدَّ؛ لعدَمِ اعْتبارِ كلامِه، وليس لولِيِّه المُطالبةُ عنه؛ لأنَّه حَقٌّ شُرِعَ للتَّشَفِّى، فلم يَقُمْ غيرُه مَقامَه في اسْتيفائِه، كالقِصاصِ، فإذا بَلَغ وطالَبَ، أقيمَ عليه (٦) حينئذٍ. ولو قَذَفَ غائِبًا، لم يُقَمْ عليه الحَدُّ حتى يَقْدَمَ ويُطالِبَ، إلَّا أن يثبتَ أنَّه طالَبَ في غَيْبَتِه. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تجوزَ إقامتُه في غَيْبتِه بحالٍ؛ لأنَّه يَحْتَمِلُ أن يَعْفُوَ بعدَ المُطالبةِ، فيكونَ ذلك شُبْهةً في دَرْءِ الحَدِّ؛ لكَوْنِه ينْدَرِئُ بالشُّبُهاتِ. ولو قذفَ عاقلًا، فَجُنَّ بعدَ قَذْفِه وقَبْلَ طلبِه، لم تَجُزْ إقامتُه حتَّى يُفيقَ ويُطالِبَ (٧)، وكذلك إن أُغْمِىَ عليه، فإن كان قد طالبَ به قبلَ جُنونِه وإغْمائِه، جازَتْ إقامتُه، كما لو وَكَّلَ في اسْتيفاءِ القِصَاصِ، ثم جُنَّ أو أُغْمِىَ عليه قَبْلَ اسْتيفائِه.

١٥٦٧ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَ الْقَاذِفُ عَبْدًا أَوْ أَمَةً، جُلِدَ أَرْبَعِينَ، بِأَدْوَنَ مِنَ السَّوْطِ الَّذِى يُجْلَدُ بِهِ الْحُرُّ)

أجْمَعَ أهلُ العلمِ على وُجوبِ الحَدِّ على العَبْدِ إذا قذفَ الحُرَّ المُحْصَنَ؛ لأنَّه داخلٌ في عُمومِ الآيةِ، وحَدُّه أربعونَ، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. رُوىَ عن عبد اللَّه بنِ عامرِ (١) بنِ رَبِيعةَ؛ أنَّه قال: أدركتُ أبا بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، ومَنْ بعدَهم من الخلفاءِ، فلم أرَهُم يضرِبُونَ المملوكَ إذا قَذَفَ إلَّا أربعين (٢). ورَوَىَ خِلاسٌ، أنَّ عليًّا قال في عبدٍ قَذَفَ


(٦) سقط من: الأصل، ب.
(٧) في م: "ويطلب".
(١) في الأصل: "عمر". وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب ٥/ ٢٧٠.
(٢) أخرجه عبد الرزاق، في: باب العبد يفترى على الحر، من كتاب الطلاق. المصنف ٧/ ٤٣٧، ٤٣٨. وابن أبي شيبة، في: باب في العبد يقذف الحر. . ., من كتاب الحدود. المصنف ٩/ ٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>