للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ". وفى لَفْظٍ روَاه الدَّارَقُطْنِىُّ (١٢)، بإسْنادِاه عن ابنِ عمرَ، أنَّه طَلَّقَ امرأتَه تطليقةً وهى حائضٌ، ثم أرادَ أن يُتْبِعَها بتَطْليقتَيْنِ آخِرَتَيْنِ عندَ القَرْأَيْنِ، فبلغَ ذلك رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "يَا ابْنَ عُمَرَ، مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ، إِنَّكَ أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ، وَالسُّنَّةُ أن تَسْتَقْبِكَ الطُّهْرَ، فتُطَلِّقَ لِكُلِّ قَرْءٍ". ولأنَّه إذا طلَّقَ فى الحَيْضِ طَوَّل العِدَّةَ عليها؛ فإنّ الحَيْضَةَ التى طلَّقَ فيها لا تُحْسَبُ مِن عِدَّتِها، ولا الطُّهْرَ الذى بعدَها عندَ مَنْ يَجْعلُ الأقْراءَ الحِيَضَ، وإِذا طلَّقَ فى طُهْرٍ أصابَها فيه، لم يَأمنْ أن تكونَ حاملًا، فيَنْدمَ، وتكونَ مرتابةً لا تَدْرِى أتعتَدُّ بالحَمْلِ أو الأقْراءِ؟

١٢٤٧ - مسألة؛ قال: (وَطَلَاقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَها طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَاحِدَةً، ثُمَّ يَدعَهَا حَتَّى تَنْقَضِىَ عِدَّتُهَا)

معنى طَلاقِ السُّنَّةِ الطَّلاقُ الذى وافَقَ أمرَ اللَّهِ تعالى وأمْرَ رسولهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فى الآيةِ والخَبَريْنِ المذكورينِ، وهو الطَّلاقُ فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، ثم يَتركُها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها. ولا خلافَ فى أنَّه إذا طلقَها فى طُهْرٍ لم يُصِبْها فيه، ثم تركَها حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها، أنَّه مُصيبٌ للسُّنَّةِ، مُطَلِّقٌ للعِدَّةِ التى أمرَ اللَّه تعالى بها. قالَه ابنُ عبدِ البَرِّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال ابنُ مسعودٍ: طلاقُ السُّنَّةِ أن يُطَلِّقَها مِن غيرِ جِمَاعٍ (١). وقال فى قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (٢). قال: طَاهِرًا من غيرِ جِمَاعٍ (١). ونحوُه عن ابنِ


(١٢) فى: كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره. سنن الدارقطنى ٤/ ٣١.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب ما جاء فى إمضاء الطلاق الثلاث وإن كن مجموعات، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٣٤.
(١) أخرجه النسائى، فى: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. المجتبى ٦/ ١١٤. وابن ماجه، فى: باب طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٥١. والبيهقى، فى: باب ما جاء فى طلاق السنة وطلاق البدعة، من كتاب الخلع والطلاق. السنن الكبرى ٧/ ٣٢٥. وعبد الرزاق، فى: باب وجه الطلاق وهو طلاق العدة والسنة، من كتاب الطلاق. المصنف ٦/ ٣٠٣. وسعيد بن منصور، فى: كتاب الطلاق. السنن ١/ ٢٦٠. وابن أبى شيبة، فى: باب ما قالوا فى طلاق السنة ما ومتى يطلق، من كتاب الطلاق. المصنف ٥/ ١. وابن جرير، فى: تفسير سورة الطلاق آية ١. تفسر الطبرى ٢٨/ ١٢٩.
(٢) سورة الطلاق ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>