للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا أَفْضَى أحَدُكُمْ بيدِهِ إلَى فَرْجِهِ لَيْسَ بَيْنَهُما سُتْرَة فَلْيَتَوَضَّأْ". وفى لَفْظٍ "إذا أَفْضَى أحَدُكُمْ إلَى ذَكَرِهِ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الوُضُوءُ". رواه الشَّافِعِيُّ في مُسْنَدهِ (١٤) وظاهِرُ كَفِّه مِنْ يَده، والإِفْضاءُ: اللَّمْسُ (١٥) مِن غيرِ حائلٍ، ولأنّه جزءٌ مِن يدِه تتعلَّقُ به الأحكامُ المُعَلَّقَةُ على مُطْلَقِ اليدِ، فأشْبَهَ باطِنَ الكَفِّ.

فصل: ولا يَنْقُضُ مَسُّه بذِرَاعِه. وعن أحمدَ أنَّه يَنْقُضُ؛ لأنَّه مِن يَدهِ، وهو قَوْلُ عَطاء، والأوْزَاعِيِّ. والصحيحُ الأَوَّلُ؛ لأنَّ الحُكْمَ المُعَلَّقَ علَى مُطْلَقِ اليَدِ في الشَّرْعِ لا يتَجاوَزُ الكُوعَ، بدليلِ قَطْعِ السارِقِ، وغَسْلِ اليَدِ مِن نَوْمِ اللَّيلِ، والمَسْحِ في التَيَمُّمِ، وإنَّما وَجَبَ غَسْلُه في الوُضُوءِ لأنَّه قَيَّدَه بالمَرافِقِ، ولأنه ليس بآلةٍ لِلْمَسِّ، أشْبَهَ العَضُدَ، وكَوْنُه مِن يِده يبْطُلُ بالعَضُدِ، فإنَّه لا خِلافَ بين العُلَماءِ فيه.

فصل: ولا فَرْقَ بين ذَكَرِه وذَكَرِ غيرِه. وقال داود: لا يَنْقُضُ مَسُّ ذَكَر غَيْرِه؛ لأنَّه لا نَصَّ فيه، والأَخْبارُ إنَّما وَرَدَتْ في ذَكَرِ نَفْسِه، فَيقْتَصَرُ عليه. ولنا، أنَّ مَسَّ ذَكَرِ غَيْرِه مَعْصِيةٌ، وأَدْعَى إلى الشَّهْوَةِ، وخُرُوجُ الخارِجِ، وحاجةُ الإِنسانِ تَدْعُو إلى مَسِّ ذَكَرِ نَفْسِه، فإذا انْتَقَضَ بمَسِّ ذَكَرِ نَفْسِه فَبِمَسِّ ذَكَرِ غيرِه أَوْلَى، وهذا تَنْبِيهٌ يُقَدَّمُ علَى الدَّلِيلِ، وفى بعض ألفاظِ خَبَرِ بُسْرةَ: "مَنْ مَسَّ الذَكَرَ فَلْيَتَوَضَّأْ".

فصل: ولا فَرْقَ بين ذَكَرِ الصغيرِ والكبيرِ. وبه قال عَطَاء، والشَّافِعِيُّ، وأبُو ثَوْر. وعن الزُّهْرِيِّ، والأَوْزَاعِيِّ: لا وُضُوءَ علَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَ الصَّغيرِ؛ لأنَّه يجوزُ مَسُّه، والنَّظَرُ إليه، وقد رُوِىَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قَبَّلَ زُبَيْبَةَ (١٦) الحَسَن، ورُوِىَ أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَسَّ زُبَيْبَةَ الحَسَنِ ولم يَتَوَضَّأْ. ولنا عُمُوم قوله: "مَنْ مَسَّ الذَّكَرَ


(١٤) انظر: مسند الإمام الشافعي، بحاشية الأم ٦/ ١٢، وترتيب مسند الإمام الشافعي للسندى ١/ ٣٥. وليس فيهما: "فقد وجب عليه الوضوء، وفيهما: "فليتوضأ". والأول في مجمع الزوائد ١/ ٢٤٥.
(١٥) في الأصل: "المس".
(١٦) تصغير الزب، وهو الذكر بلغة أهل اليمن، وتدخله الهاء بعد التصغير. ولم نجد هذا الحديث فيما بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>