للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمونَ؛ لأنَّه لم يَكُنْ مُسْلِمًا حالَ رَمْيِه، ولا المُعاهدُونَ؛ لأنَّه قَتَلَه وهو مسلمٌ، فيكونُ في مالِ الجانِى. وهكذا لو رَمَى وهو مسلمٌ، ثم ارْتَدَّ، ثم قَتَلَ السَّهْمُ إنسانًا، لم يَعْقِلْه أحَدٌ. ولو جَرَحَ ذِمِّىٌّ ذِمِّيًّا، ثم أسلمَ الجارِحُ، ومات المجروحُ، وكان أرْشُ جِراحِه يَزِيدُ على الثُّلثِ، فعَقْلُه على عَصَبَتِه من أهلِ الذِّمَّةِ، وما زاد على أرْشِ الجُرْحِ لا يَحْمِلُه أحَدٌ، ويكونُ في مالِ الجانِى؛ لما (٢٦) ذكرنا. وإن لم يَكُنْ أرْشُ الجُرْحِ ممَّا تَحْمِلُه العاقلةُ، فجميعُ الدِّيَةِ على الجانِى. وكذلك الحُكْمُ إذا جَرَحَ مسلمٌ (٢٧) ثم ارْتَدَّ. ويَحْتَمِلُ أن تَحْمِلَ الدِّيَةَ كلَّها العاقلةُ في المسْألتَيْنِ؛ لأنَّ الجنايةَ وُجِدَتْ وهو ممَّن تَحْمِلُ العاقلةُ جِنايَتَه، ولهذا وجَبَ القِصاصُ في المسألةِ الأولى إذا (٢٨) كان عَمْدًا. ويَحْتَمِلُ أن لا تَحْمِلَ العاقلةُ شيئًا؛ لأنَّ الأرْشَ إنَّما يَسْتَقِرُّ بانْدِمالِ الجُرْحِ أو سِرَايَتِه.

فصل: إذا تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً، فأَوْلَدَها أولادًا، فولاؤُهم لمَوْلَى أُمِّهِم، فإن جَنَى أحَدُهُم، فالعَقْلُ على مَوْلَى أُمِّه؛ لأنَّه عَصَبَتُه ووَارِثُه، فإن أُعْتِقَ أَبُوه، ثم سَرَتِ الجنايةُ، أو رُمِىَ بسَهْمٍ فلم يَقَع السَّهْمُ حتى أُعْتِقَ أبوه، لم يَحْمِلْ عَقْلَه أحَدٌ؛ لأنَّ مَوالِى الأُمِّ قد زال ولاؤُهم عنه قبلَ قَتْلِه، ومَوالِى الأَبِ لم يَكُنْ لهم عليه ولاءٌ حالَ جِنَايَتِه، فتكونُ الدِّيَةُ عليه في مالٍ، إلَّا أن يكونَ أرْشُ الجُرْحِ ممَّا تَحْمِلُه العاقلةُ مُنْفَرِدًا، فيُخَرَّجُ فيه مثلُ ما قُلْنَا في المسألةِ التي قبلَها.

فصل: وإن جَنَى الرجلُ على نَفْسِه خطأً، أو على أطْرافِه، ففيه رِوَايتانِ. قال القاضي: أظْهَرُهما أنَّ على عاقِلَتِه دِيَتَه لوَرَثَتِه إن قَتَلَ نفسَه، أو أرْشَ جُرْحِه لنفسِه إذا كان أكثرَ من الثُّلثِ. وهذا قولُ الأوْزاعيِّ، وإسحاقَ؛ لما رُوِىَ أنَّ رَجُلًا ساقَ حِمارًا


(٢٦) في م: "كما".
(٢٧) في م: "مسلما".
(٢٨) في م: "وإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>