للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الجِرَاح

يعني كتابَ الجِناياتِ، وإنما عَبَّرَ عنها بالجراحِ لغَلَبةِ وُقُوعِها به، والجِنايةُ: كلُّ فِعْلٍ عُدْوانٍ على نَفْسٍ أو مالٍ. لكنَّها في العُرْفِ مَخْصوصةٌ بما يَحْصُلُ فيه التَّعَدِّى على الأبْدانِ، وسَمَّوُا الجِناياتِ على الأموالِ غَصْبًا، ونَهْبًا، وسَرِقةً، وخِيَانةً، وإتْلافًا.

فصل: وأجمعَ المسلمونَ على تَحْريمِ القَتْلِ بغيرِ حقٍّ، والأصلُ فيه الكتابُ والسُّنَّةُ والإِجماعُ؛ أمَّا الكتابُ فقولُ اللَّه تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} (١). وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} (٢). وقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} (٣). الآية. وأمَّا السُّنّةُ، فروَى عبدُ اللَّه بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلمٍ، يَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وأَنِّى رَسُولُ اللهِ، إلَّا بِإحْدَى ثَلَاثٍ؛ الثَّيِّبُ الزَّانِى، والنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، والتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَماعَةِ". مُتَّفَقٌ عليه (٤). وروَى عثمانُ، وعائشةُ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلَه، في آىٍ وأخبارٍ سِوَى هذه كثيرة (٥). ولا خلافَ بينَ الأُمَّةِ في تَحْرِيمِه، فإنْ فَعَلَه إنسانٌ مُتعمِّدًا، فَسَقَ، وأَمْرُه إلى اللَّه، إن شاءَ عَذَّبَه، وإن شاء غَفَر له، وتَوْبَتُه مَقْبولةٌ في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال ابنُ عباسٍ: إنَّ تَوْبَتَه لا تُقْبَلُ (٦). للآية التي ذكرْناها، وهى من آخِرِ ما نَزَلَ. قال ابنُ عباسٍ: ولم يَنْسَخْها شيءٌ (٦).


(١) سورة الإسراء ٣٣.
(٢) سورة النساء ٩٢.
(٣) سورة النساء ٩٣.
(٤) تقدم تخريجه، في: ٣/ ٣٥٢.
(٥) في الأصل: "كثير".
(٦) أخرجه البخاري، في: باب: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}، من كتاب التفسير. صحيح البخاري =

<<  <  ج: ص:  >  >>