للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخُمْسِ والصَّفِيُّ، فَحُرِمَ نَوْعَي الصَّدَقَةِ فَرْضَهَا ونَفْلَهَا، وآلُه دُونَه في الشَّرَفِ، ولهم خُمْسُ الخُمْسِ وَحْدَه، فَحُرِمُوا أحَدَ نَوْعَيْهَا، وهو الفَرْضُ. وقد رُوِيَ عن أحمدَ، أنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ لم تَكُنْ مُحَرَّمَةً عليه. قال المَيْمُونِيُّ: سمعتُ أحمدَ يقولُ: الصَّدَقَةُ التي (٣٧) لا تَحِلُّ للنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأهْلِ بَيْتِه؛ صَدَقَةُ الفِطْرِ، وزكاةُ الأمْوَالِ، والصَّدَقَةُ يَصْرِفُهَا الرَّجُلُ على مُحْتَاجٍ يُرِيدُ بها وَجْهَ اللهِ تعالى، فأمَّا غيرُ ذلك فلا، أليس يُقَالُ: كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ؟ وقد كان يُهْدَى للنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويَسْتَقْرِضُ، فليس ذلك من جِنْسِ الصَّدَقَةِ على وَجْهِ الحاجَةِ. والصَّحِيحُ أن هذا لا يَدُلُّ على إباحَةِ الصَّدَقَةِ له، إنَّما أرادَ أن ما ليس من صَدَقَةِ الأمْوالِ على الحَقِيقَةِ، كالقَرْضِ والهَدِيَّةِ وفعل (٣٨) المَعْرُوفِ، غيرُ مُحَرَّمٍ عليه، لَكِنْ فيه دَلَالَة على التسْوِيَةِ بَيْنَه وبين آلِهِ في تَحْرِيمِ صَدَقَةِ التَّطوُّعِ عليهم، لِقَوْلِه بأن الصَّدَقَةَ على المُحْتَاجِ يُرِيدُ بها وَجْهَ اللهِ مُحَرَّمَةٌ عليهما. وهذا هو صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، فصارتِ الرِّوَايَتانِ في تَحْرِيمِ صَدَقَةِ التَّطوُّعِ على آلِه. واللهُ أعلمُ.

٤٣٠ - مسألة؛ قال: (ولَا لِغَنِيٍّ، وهُوَ الذِي يَمْلِكُ خَمْسِينَ دِرْهَمًا، أو قِيمَتَهَا من الذَّهَبِ).

يَعْنِي لا يُعْطَى من سَهْمِ الفُقَراءِ والمَساكِينِ غَنِيٌّ، ولا خِلافَ في هذا بينَ أهْلِ العِلْمِ؛ وذلك لأنَّ اللَّه تعالى جَعَلَها لِلْفُقَراءِ والمَساكِينِ، والغَنِيُّ غيرُ دَاخِلٍ فيهم، وقد قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمُعَاذٍ: "أَعْلِمْهُمْ أنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ من أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ في فُقَرَائِهِمْ" (١). وقال: "لا حَظَّ فيها لِغَنِيٍّ، ولا لِقَوِيٍّ مُكتَسِبٍ" (٢). وقال:


(٣٧) سقط من: أ، م.
(٣٨) سقط من: أ، م.
(١) تقدم تخريجه في صفحة ٥.
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب من يعطى من الصدقة وحدّ الغنى، من كتاب الزكاة. سنن أبي داود=

<<  <  ج: ص:  >  >>