للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بأَلْفٍ من جِنَايَةٍ جَنَاهَا العَبْدُ، فتَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِه، قُبِلَ ذلك، وله بَيْعُ العَبْدِ، ودَفْعُ الأَلْفِ من ثَمَنِه. وإن قال: أرَدْتُ أنَّه رَهْنٌ عندَه بِأَلْفٍ. ففيه وَجْهَانِ؛ أحَدُهما، لا يُقْبَلُ؛ لأنَّ حَقَّ المُرْتَهِنِ في الذِّمَّةِ. والثانى، يُقْبَلُ؛ لأنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بالرَّهْنِ، فصَحَّ تَفْسِيرُه به، كالجِنَايَةِ. ومَذْهَبُ الشّافِعِىِّ كما ذَكَرْنا في الفَصْلِ جَمِيعِه.

فصل: وإن قال: له في مَالِى هذا أَلْفٌ، أو من مَالِى أَلْفٌ. وفَسَّرَهُ بِدَيْنٍ أو وَدِيعَةٍ أو وَصِيَّةٍ فيه، قُبِلَ. وقال بعضُ أصْحَابِ الشّافِعِىِّ: لا يُقْبَلُ إقْرَارُه؛ لأنَّ مالَهُ ليس هو لغيرِه. ولَنا، أنَّه أقَرَّ بِأَلْفٍ، فقُبِلَ، كا لو قال: في مَالِى. ويجوزُ أن يُضِيفَ إليه مالًا بعضُه لغيرِه. ويجوزُ أن يُضِيفَ مالَ غيرِه إليه، لِاخْتِصَاصٍ له به، أو يَدٍ له عليه، أو ولَايَة، قال اللَّه تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} (١٢) وقال سُبْحَانَه في النِّسَاءِ: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (١٣). وقال لأَزْوَاجِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (١٤). فلا يَبْطُلُ إِقْرَارُه مع احْتِمالِ صِحَّتِه. وإن قال: أرَدْتُ هِبَةً. قُبِلَ منه؛ لأنَّه مُحْتَمِلٌ. وإن امْتَنَعَ من تَقْبِيضِها، لم يُجْبَرْ عليه؛ لأنَّ الهِبَةَ فيها لا تَلْزَمُ قبلَ القَبْضِ. وكذلك يُخَرَّجُ فيما إذا قال: لِفُلَانٍ في دارِى هذه نِصْفُها، أو من دَارِى بعضُها، وقد نُقِلَ عن أحمدَ ما يَدُلُّ على رِوَايَتَيْنِ، قال في رِوَايَةِ مُهَنَّا في مَن قال: نِصْفُ عَبْدِى هذا لِفُلَانٍ. لم يَجُزْ إلَّا أن يَقُولَ (١٥) وَهَبْتُه. وإن قال: نِصْفُ مَالِى هذا لِفُلَانٍ. لا أَعْرِفُ هذا. ونَقَلَ ابنُ مَنْصُورٍ: إذا قال: فَرَسِى هذه لِفُلَانٍ. فإِقْرَارُه جَائِزٌ. فظَاهِرُ هذا صِحَّةُ الإِقْرَارِ.


(١٢) سورة النساء ٥.
(١٣) سورة الطلاق ١.
(١٤) سورة الأحزاب ٣٣.
(١٥) في م زيادة: "قد".

<<  <  ج: ص:  >  >>