للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُفعَتُه؛ لأنَّ الضَّرَرَ. فيما أبْطَنَه أكْثَرُ، فإذا لم يَرْضَ به بالثمَنِ القَلِيلِ مع قِلَّةِ ضَرَرِه، فبِالكثيرِ (٢١) أَوْلَى.

فصل: وإن لَقِيَهُ الشَّفِيعُ في غيرِ بَلَدِه فلم يُطَالِبْهُ، وقال: إنَّما تَرَكْتُ المُطَالَبةَ لأُطَالِبَهُ في البَلَدِ الذي فيه البَيْعُ، أو المَبِيعُ، أو لآخُذَ الشِّقْصَ في مَوْضِعِ الشُّفْعَةِ. سَقَطَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّ ذلك ليس بِعُذْرٍ في تَرْكِ المُطَالَبةِ، فإنَّها لا تَقِف على تَسْلِيمِ الشَّقْصِ، ولا على حُضُورِ البَلَدِ الذي هو فيه. وإن قال: نَسِيتُ، فلم أَذْكُر المُطَالَبةَ. أو نَسِيتُ البَيْعَ. سَقَطَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّه (٢٢) خِيَارٌ على الفَوْرِ، فإذا أَخَّرَهُ نِسْيانًا بَطَلَ، كالرَّدِّ بالعَيْبِ، وكما لو أمْكَنَتِ المُعْتَقَةُ زَوْجَها من وَطْئِها نِسْيانًا. ويَحْتَمِلُ أن لا تَسْقُطَ المُطَالَبةُ؛ لأنَّه تَرَكَها لِعُذْرٍ، فأَشْبَه مَا لو تَرَكَها لِعَدَمِ عِلْمِه بها. وإن تَرَكَها جَهْلًا بِاسْتِحْقاقِه لها، بَطَلَتْ، كالرَّدِّ بالعَيْبِ.

فصل: وإذا قال الشَّفِيعُ لِلمُشْتَرِى: بِعْنِى ما اشْتَرَيْتَ. أو قَاسِمْنِى. بَطَلَتْ شُفْعَتُه؛ لأنَّه يَدُلُّ على رِضَاهُ بِشِرَائِه وتَرْكِه لِلشُّفْعَةِ. وإن قال: صَالِحْنِى على مالٍ. سَقَطَتْ أيضًا. وقال القاضي: لا تَسْقُطُ؛ لأنَّه لم يَرْضَ بإسْقَاطِها، وإنَّما رَضِىَ بالمُعَاوَضَةِ عنها، ولم تَثْبُتِ المُعَاوَضَةُ، فبَقِيَتِ الشُّفْعَةُ. ولَنا، أنَّه رَضِىَ بِتَرْكِها، وطَلَبَ عِوَضَها، فثَبَتَ (٢٣) التَّرْكُ المَرْضِىُّ به، ولم يَثْبُت العِوَضُ. كما لو قال: بِعْنِى. فلم يَبِعْهُ. ولأنَّ تَرْكَ المُطَالَبةِ بها كافٍ في سُقُوطِها، فمع طَلَبِ عِوَضِها أَوْلَى. ولأصْحابِ الشَّافِعِىِّ وَجْهانِ كهذَيْن. فإن صَالَحَه عنها بِعِوَضٍ، لم يَصِحَّ. وبه قال أبو حنيفةَ، والشّافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: يَصِحُّ؛ لأنَّه عِوَضٌ عن إزَالَةِ مِلْكٍ، فجازَ كأخْذِ (٢٤) العِوَضِ [عن تَمْلِيكِ] (٢٥) امْرأَةٍ أَمْرَهَا. ولَنا، أنَّه خِيَارٌ لا يَسْقُطُ إلى مالٍ، فلم يَجُزْ أَخْذُ


(٢١) في م: "فالكثير".
(٢٢) في م: "لأنها".
(٢٣) في م: "فيثبت".
(٢٤) في م: "أخذ".
(٢٥) في م: "عنه كتمليك".

<<  <  ج: ص:  >  >>