للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن كانتْ يَدُ القاطعِ والمَجْنِىِّ عليه كامِلَتَيْنِ، [و] في يَدِ المَجْنِىِّ عليه إصْبَعٌ زائدةٌ، فعلى قولِ ابنِ حامدٍ، لا عِبْرَةَ بالزَّائدةِ؛ لأنَّها بمنزلةِ الخُرَاجِ والسَّلْعةِ. وعلى قولِ غيرِه، له قَطْعُ يَدِ الجانِى. وهل له حُكومةٌ في الزَّائدةِ؟ على وَجْهَيْنِ. وإن قَطَعَ مَنْ له خَمْسُ أصابعَ أصْلِيَّةٍ، كَفَّ مَنْ له أرْبَعُ أصابِعَ أصْلِيَّةٍ، وإصْبَعٌ زائدةٌ، أو قَطَعَ مَنْ له أرْبَعُ أصابعَ أصْلِيَّةٌ (٥) وإصْبَعٌ زائدةٌ، كَفَّ مَنْ له خَمْسُ أصابعَ أصْلَيةٍ، فلا قِصاصَ في الصُّورةِ الأُولَى؛ لأنَّ الأصْليَّةَ لا تُؤْخَذُ بالزَّائدةِ. وله القِصاصُ في الصُّورةِ الثانية، في قولِ ابنِ حامدٍ؛ لأنَّ الزَّائدةَ لا عِبْرةَ بها. وقال غيرُه: إن لم تكُن الزَّائدةُ في مَحَلِّ الأصْلِيَّةِ، فلا قِصاصَ أيضًا؛ لأنَّ الإصْبَعَيْنِ مُخْتلفانِ. وإن كانتْ في مَحَلِّ الأصْليَّةِ، فقال القاضي: يَجْرِى القِصاصُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ، ولا شىءَ له لنَقْصِ الزَّائدةِ. وهذا فيه نَظَرٌ؛ فإنَّها متى كانت في مَحَلِّ الأصْلِيَّةِ، كانت أصْلِيَّةً، لأنَّ الزَّائدةَ هي التي زادَتْ عن عَدَدِ الأصابعِ، أو كانتْ في غيرِ مَحَلِّ الأصابِعِ، وهذا له خَمْسُ أصابعَ في مَحَلِّها، فكانت كلُّها أصْلِيَّةً. فإن قالوا: معنى كَوْنِها زائدةً، أنَّها ضَعِيفةٌ مائلةٌ عن سَمْتِ الأصابعِ. قُلْنا: ضَعْفُها لا يُوجِبُ كَوْنَها زائدةً، كذَكَرِ العِنِّينِ، وأمَّا مَيْلُها عن سَمْتِ (٦) الأصابعِ، فإنَّها إن لم تكُنْ نابِتةً في مَحَلِّ الإِصْبَعِ المَعْدومةِ، فَسَدَ قولُهم إنَّها في مَحَلِّهَا، وإن كانت نابتةً في مَوْضِعِها، وإنَّما مالَ رأسُها واعْوَجَّتْ، فهذا مَرَضٌ لا يُخْرِجُها عن كَوْنِها أصْلِيَّةً.

فصل: وإذا قَطَعَ إصْبَعَه، فأصابَه من جُرْحِها أَكِلَةٌ في يَدِه، وسَقَطَتْ من مَفْصِلٍ، ففيها القِصاصُ. وإن بادَرَهَا صاحِبُها، فقَطَعَها من الكُوعِ، لئَلَّا تَسْرِىَ إلى سائرِ جَسَدِه، ثم انْدَمَلَ جُرْحُه، فعلى الجانِي القِصاصُ في الإِصْبَعِ، والحُكومةُ فيما تأكَّلَ من الكَفِّ، ولا شىءَ عليه فيما قَطَعَه الْمَجْنِىُّ عليه؛ لأنَّه تَلِفَ بفِعْلِه. وإن لم


(٥) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٦) سقط من: الأصل، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>