للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبلَ قَلْعِه، أو اكْتَرَى كَحَّالًا لِيَكْحَلَ عَيْنَه، فبَرَأتْ، أو ذَهَبَتْ. ويَجِبُ أن يُقَدَّرَ أنَّه لم يكُنْ ثَمَّ من وَرَثَتِه مَن يَقُومُ مَقَامَه في الانْتِفَاعِ؛ لأنَّ الوارِثَ يَقُومُ مَقَامَ المَوْرُوثِ. وتَأَوَّلَها القاضي على أنَّ المُكْرِىَ قَبَضَ البَعِيرَ، ومَنَعَ الوَرَثةَ من (٧) الانْتِفاعِ، ولولا ذلك لما انْفَسَخَ العَقْدُ؛ لأنَّه لا يَنْفَسِخُ بِعُذْرٍ في المُسْتَأْجِرِ مع سَلَامةِ المَعْقُودِ عليه، كما لو حُبِسَ مُسْتَأْجِرُ الدَّارِ، ومُنِعَ من سُكْنَاها. ولا يَصِحُّ هذا؛ لأنَّه لو مَنَعَ الوارِثَ الانْتِفَاعَ، لَما اسْتَحَقَّ شَيْئا من الأجْرِ. ويُفَارِقُ هذا ما لو حُبِسَ المُسْتَأْجِرُ؛ لأنَّ المَعْقُودَ عليه انْتِفَاعُه، وهذا لا يُؤْيَسُ منه بالحَبْسِ، فإنَّه في كلّ وَقْتٍ يُمْكِنُ خُرُوجُه من الحَبْسِ وانْتِفَاعُه، ويُمْكِنُ أن يَسْتَنِيبَ مَن يَسْتَوْفِى المَنْفَعةَ له (٨) إما بأَجْرٍ أو غيرِه، بخِلَافِ المَيِّتِ، فإنَّه قد فاتَ انْتِفاعُه بِنَفْسِه ونائِبِه، فأشْبَهَ ما ذَكَرْنا من الصُّوَرِ (٩).

فصل: إذا أجَرَ المَوْقُوفُ عليه الوَقْفَ مُدَّةً، فماتَ في أَثْنائِها، وانْتَقَلَ إلى مَنْ بعدَه ففيه وَجْهانِ؛ أحدهما، لا تَنْفَسِخُ الإِجَارةُ؛ لأنَّه أجَرَ مِلْكَه في زَمَنِ وِلَايَتِه، فلم يَبْطُلْ بمَوْتِه، كما لو أجَرَ مِلْكَه الطَّلْقَ (١٠). والثاني، تَنْفَسِخُ الإِجارَةُ فيما بَقِىَ من المُدّةِ، لأنَّا تَبَيَّنَّا (١١) أنَّه أجَرَ مِلْكَه ومِلْكَ غيرِه، فصَحَّ في مِلْكِه دُونَ مِلْكِ غيرِه، كما لو أجَرَ دَارَيْنِ أحدَهما له، والأخْرَى لغيرِه؛ وذلك لأنَّ المَنافِعَ بعد المَوْتِ حَقٌّ لغيرِه، فلا يَنْفُذُ عَقْدُه عليها من غيرِ مِلْكٍ ولا وِلَايةٍ، بخِلَافِ الطَّلْقِ، فإن الوارِثَ (١٢) يَمْلِكُهُ (١٣)


(٧) سقط من: الأصل.
(٨) سقط من: م.
(٩) في الأصل: "الضرر".
(١٠) في الأصل، ب: "المطلق".
(١١) في الأصل: "نتبين".
(١٢) في م: "المالك".
(١٣) في الأصل، م: "يملك".

<<  <  ج: ص:  >  >>