للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوصَى به؛ لأنَّ كلَّ حَقٍّ تَعَلّقَ بالعَيْنِ تَعَلَّقَ ببَدَلِها، إذا لم يَبْطُلْ سَبَبُ اسْتِحْقاقِها. ويُفَارِقُ الزَّوْجةَ والعَيْنَ المُسْتَأْجَرَةَ؛ لأنَّ سَبَبَ الاسْتِحْقاقِ يَبْطُلُ بِتَلَفِهِما، ويَحْتَمِلُ أن تَجِبَ القِيمَةُ لِلْوارِثِ، أو مالِكِ الرَّقَبةِ، وتَبْطُلَ الوَصِيّةُ؛ لأنَّ القِيمَةَ بَدَلُ الرَّقَبةِ، فتكونُ لِصَاحِبِها، وتَبْطُلُ الوَصِيّةُ بالمَنْفَعةِ، كما تَبْطُلُ الإِجَارَةُ (٢٩).

فصل: وإذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِحَبِّ زَرْعِه، ولآخَرَ بنَبْتِه، صَحَّ، والنَّفَقةُ بينهما؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما تَعَلّقَ حَقُّه بالزَّرْعِ. فإن امْتَنَعَ أحَدُهُما من الإِنْفاقِ، فهما بمَنْزِلَةِ الشَّرِيكَيْنِ في أصْلِ الزَّرْعِ إذا امْتَنَعَ أحَدُهُما من سَقْيِه والإِنْفاقِ عليه، فيُخَرَّجُ في ذلك وَجْهانِ؛ أحَدُهُما، يُجْبَرُ على الإِنْفاقِ عليه. هذا قول أبي بكرٍ؛ لأنَّ في تَرْكِ الإِنْفاقِ ضَرَرًا عليهما، وإضَاعةً للمالِ (٣٠)، وقد قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ" (٣١). ونَهَى عن إضَاعةِ المالِ (٣٢). والوَجْهُ الآخَرُ، لا يُجْبَرُ؛ لأنَّه لا يُجْبَرُ على الإِنْفاقِ على مالِ نَفسِه، ولا مالِ غيرِه، إذا كان كلُّ واحدٍ منهما مُنْفَرِدًا، فكذلك إذا اجْتَمَعا. وأصْلُ الوَجْهَيْنِ إذا اسْتَهْدَمَ الحائِطُ المُشْتَركُ، فدَعَا أحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الآخَرَ إلى مُبَانَاتِه، فامْتَنَعَ. ويَنْبَغِى أن تكونَ النَّفَقةُ بينهما على قَدْرِ قِيمَةِ حَقِّ كلِّ واحدٍ منهما، كما لو كانا مُشْتَرِكَيْنِ في أصْلِ الزَّرْعِ.

فصل: وإن أَوْصَى لرجلٍ (٣٣) بخَاتَمٍ، ولآخَرَ بِفَصِّهِ، صَحَّ، وليس لواحدٍ منهما الانْتِفاعُ به إلَّا بإِذْنِ صاحِبِه، وأيُّهما طَلَبَ قَلْعَ الفَصِّ من الخاتَمِ أُجِيبَ إليه، وأُجْبِرَ الآخَرُ عليه. وإن اتَّفَقَا على بَيْعِه، أو اصْطَلَحا على لُبْسِه، جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ لهما لا يَعْدُوهُما.


(٢٩) في م: "بالإِجارة".
(٣٠) في أ، ب، م: "المال".
(٣١) في الأصل، أ: "إضرار". وتقدم في المسألة نفسها.
(٣٢) تقدم تخريجه في: ٦/ ٥١٦.
(٣٣) في م: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>