للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحدُهُما صاحِبَه إذا أصاباهُ جميعًا، إلَّا أَنْ يشْترطَا (٢٦) ذلك. وإِنْ شَرَطَا أَنْ يَحْسِبَ كلُّ واحدٍ منهما (٢٧) خاسِقَه بإصابَتَيْن، جازَ؛ لأنَّ أحدَهُما لم يفْضُلْ صاحِبَه فى شىءٍ، فقد اسْتَوَيا.

فصل: والسُّنَّةُ أَنْ يكونَ لهما غَرَضان يَرْمِيان أحَدَهما، ثم يَمْضِيان إليه، فَيَأْخُذان السِّهامَ يَرْمِيان الآخَرَ؛ لأنَّ هذا كان فِعْلَ أصحابِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "مَا بَيْنَ الغَرَضَيْنِ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ" (٢٨). وقال إبراهيمُ التَّيْمِىُّ: رأيتُ حذيفَةَ يشتدُّ بين الهَدَفَيْنِ يقول: أنابِها، [أنابِها] (٢٩). فى قميصٍ. وعن ابنِ عمَرَ مثلُ ذلك (٣٠). والهدَفُ ما يُنْصَبُ الغَرَضُ عليه، إمَّا تُرابٌ مجموعٌ، وإما حائِطٌ. ويُرْوَى [أَنَّ أصحابَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-] (٣١) كانُوا يشتدُّون بينِ الأغْراضِ، يضْحَكُ بعضُهم إلى بَعْضٍ، فإذا جاءَ الليلُ كانُوا رُهْبانًا. فإنْ جَعَلُوا غَرَضًا واحدًا، جازَ؛ لأنَّ المقصودَ يحْصُلُ به، وهو عادَةُ أهْلِ عَصْرِنَا. ولابُدَّ فى المُناضَلَةِ أَنْ يبتَدِئ أحدُهما بالرَّمْىِ؛ لأنَّهما لو رَمَيَا معًا، أفْضَى إلى الاخْتلافِ، ولم يُعْرَف المُصِيبُ منهما. فإنْ كان المُخْرِجُ أجْنَبِيًّا، قُدِّمَ مَنْ يخْتارُه منهما، فإنْ لم يخْتَرْ وتَشاحَّا، أُقْرِعَ بينهما، وأيُّهما كان أحَقَّ بالتَّقديم فبدَرَه الآخرُ فرَمَى، لم يُعْتَدّ له بسَهْمِه، أصابَ أو أخطأَ. وإذا بدأَ أَحدُهُما فى وجْهٍ، بَدَأَ الآخَرُ فى الثانِى، تَعْدِيلًا بينهما. وإِنْ شَرَطَا البداءةَ لأحَدِهما فى كلِّ الوُجُوهِ، لم يصِحَّ؛ لأنَّ مَوْضُوعَ المُناضَلَةِ على المُساواةِ، وهذا تَفاضُلٌ، فإنْ فُعِلَ ذلك من غيرِ شَرْطٍ باتِّفاقٍ منهما، جازَ؛ لأنَّ الْبَداءةَ لا أَثَرَ لها فى الإِصابَةِ، ولا فى تَجْويدِ (٣٢) الرَّمْى، وإِنْ شُرِطَ (٣٣) أَنْ يَبْدَأَ كلُّ واحِدٍ منهما من وَجْهَيْن مُتوالِيَيْن، جازَ؛ لتَساوِيهمَا.


(٢٦) فى م: "يشترط".
(٢٧) لم يرد فى: الأصل.
(٢٨) انظر: تلخيص الحبير ٤/ ١٦٤.
(٢٩) سقط من: الأصل، أ، ب. وأخرجه سعيد بن منصور، فى: باب ما جاء فى الرمى وفضله، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ١٧٢.
(٣٠) تقدم تخريجه، فى صفحة ٤٠٦.
(٣١) فى م: "عن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنهم".
(٣٢) فى م: "تجريد" تحريف.
(٣٣) فى م: "شرطا".

<<  <  ج: ص:  >  >>