للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع غَيْبَتِها. وإن لم يعرِفْها، لم يَشْهَدْ عليها مع غَيْبَتِها. قال أحمدُ، فى روايةِ الجَماعةِ: لا يَشْهدُ (١٠) إلَّا لمَن يَعْرِفُ (١١)، وعلى مَن يَعْرِفُ (١١)، ولا يَشْهَدُ إلَّا على امرأةٍ قد عرَفَها، وإن كانتْ ممن قد (١٢) عَرَفَ اسْمَها، ودُعِيَتْ، وذَهَبتْ، وجاءتْ، فلْيَشْهَدْ، وإلَّا فلا يَشْهَدْ، فأما إن لم يَعْرِفْها، فلا يجوزُ أن يشْهَدَ مع غَيْبَتِها. ويجوزُ أن يشْهَدَ على عَيْنِها (١٣) إذا عرَفَ عَيْنِها (١٣)، ونظرَ إلى وَجْهِها. قال أحمدُ: ولا يَشْهَدُ على امرأةٍ، حتى يَنْظُرَ إلى وَجْهِها. وهذا محمولٌ على الشَّهادةِ على مَن لم يتيقَّنْ مَعرِفتَها. فأمَّا مَن تَيَقَّنَ مَعْرِفتَها، وتَعرَّفَ صَوْتَها (١٤) يَقِينًا، فيجوزُ أن يشْهَدَ عليها إذا تيقَّنَ صَوْتَها، على ما قدَّمْناه فى المسألةِ قَبلَها. فإن لم يعْرِفِ المشهودَ عليه، فعرَّفَه عندَه مَن يَعْرفُه، فقد رُوىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: لا يَشْهَدُ على شَهادةِ غيرِه إلَّا بمَعْرفتِه لها. وقال: لا يجوزُ للرَّجلِ أن يقولَ للرَّجلِ: أنا أشهدُ أنَّ هذه فلانةُ. ويَشْهدَ على شهادتِه. وهذا صريحٌ فى المَنْعِ مِن الشَّهادةِ على مَن لا يَعْرِفُه بتَعْرِيف غيرِه. وقال القاضى: يجوزُ أن يُحْمَلَ هذا على الاسْتِحْبابِ، لتَجْويزِه الشَّهادةَ بالاسْتِفاضةِ. وظاهرُ قولِه المنعُ منه. وقال أحمدُ: لا يَشهدُ على امرأةٍ إلَّا بإذْنِ زَوْجِها. وهذا يَحْتَمِلُ أنَّه لا يَدْخُلُ عليها بَيْتَها ليَشْهَدَ عليها إلَّا بإذْنِ زَوْجِها؛ لما رَوَى عمرُو بنُ العاصِ قال: نَهَى رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنْ يُسْتأذَنَ على النِّساءِ إلَّا بإذْنِ أزْواجهنَّ. رواه أحمدُ، فى "مُسْنَدِه" (١٥). فأمَّا الشَّهادةُ عليها فى غيرِ بيتِها فجائِزةٌ (١٦)؛ لأنَّ إقْرارَها صحيحٌ، وتَصرُّفَها إذا كانتْ رشيدةٌ صحيحٌ، فجازَ أن يَشْهَدَ عليها به.

فصل: وإذا عرَفَ الشاهدُ خطَّه، ولم يذْكُرْ أنَّه شَهِدَ به، فهل يجوزُ له أن يَشْهَدَ له (١٧) بذلك؟ فيه روايَتان؛ إحْداهما، لا يَجوزُ له (١٧) أن يَشْهَدَ بها. قال أحمدُ فى رِوايةِ حَربٍ،


(١٠) فى م: "تشهد".
(١١) فى م: "تعرف".
(١٢) سقط من: الأصل.
(١٣) فى الأصل: "عينيها".
(١٤) فى أ، ب، م: "بصوتها".
(١٥) المسند ٤/ ٢٠٣.
(١٦) فى الأصل، أ: "فجائز".
(١٧) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>