للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٩٤ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ جَامَعَ فِى الفَرْجِ، فَأَنْزَلَ، أوْ لَمْ يُنْزِلْ، أو دُونَ الفَرْجِ فأَنْزَلَ عَامِدًا أو سَاهِيًا، فَعَلَيْهِ القَضَاءُ والكَفَّارَةُ، إذَا كانَ فى شَهْرِ رَمَضانَ)

لا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ خِلَافًا، فى أنَّ مَن جَامَعَ فى الفَرْجِ فأنْزَلَ (١) أو لم يُنْزِلْ، أو دُونَ الفَرْجِ فأنْزَلَ، أنَّه يَفْسُدُ صَوْمُهُ (٢)، وقد دَلَّتِ الأخْبارُ الصَّحِيحَةُ على ذلك، وهذه المَسْأَلَةُ فيها مَسَائِلُ أرْبَع؛ إحْدَاها، أن مَن أفْسَدَ صَوْمًا وَاجِبًا بِجِمَاعٍ، فعليه القَضَاءُ، سواءٌ كان فى رمضانَ أو غيرِه، وهذا قَوْلُ أكْثَرِ الفُقَهاء. وقال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْه: مَن لَزِمَتْهُ الكَفَّارَةُ لا قَضاءَ عليه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يَأْمُر الأعْرَابِىَّ بالقَضَاءِ. وحُكِىَ عن الأوْزَاعِىِّ أنَّه قال: إن كَفَّرَ بالصِّيامِ فلا قَضاءَ عليه؛ لأنَّه صامَ (٣) شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ. ولَنا، أن النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال للْمُجَامِعِ: "وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَه". رَوَاهُ أبو دَاوُدَ بإسْنَادِه، وابنُ مَاجه، والأثْرَمُ (٤). ولأنَّه أفْسَدَ يَوْمًا مِن رمضانَ، فلَزِمَهُ قَضَاؤُه، كما لو أفْسَدَهُ بالأكْلِ، أو أفْسَدَ صَوْمَهُ الوَاجِبَ بالجِماعِ (٥)، فلَزِمَهُ قَضاؤُه، كغيرِ رمضانَ. المسألة الثانية، أن الكَفَّارَةَ تَلْزَمُ مَن جامَعَ فى الفَرْجِ فى رمضانَ عَامِدًا، أنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ، فى قَوْلِ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن الشَّعْبِىِّ، والنَّخَعِىِّ، وسَعِيدِ بن جُبَيْرٍ: لا كَفَّارَةَ عليه؛ لأنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ لا تَجِبُ الكَفَّارَةُ بإفْسَادِ قَضائِها، فلا تَجِبُ فى أدَائِها، كالصَّلاةِ. ولَنا، ما رَوَى الزُّهْرِىُّ، عن حُمَيْدِ بن عبدِ الرحمنِ، عن أبى هُرَيْرَةَ، قال: بَيْنَا نحنُ جُلُوسٌ عندَ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فقال: يا رسولَ اللَّه، هَلَكْتُ. قال


(١) فى ازيادة: "عامدا أو ساهيا فعليه القضاء والكفارة".
(٢) فى أ، ب، م زيادة: "إذا كان عامدا".
(٣) فى م: "صيام".
(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٦٦.
(٥) فى النسخ: "بالإجماع".

<<  <  ج: ص:  >  >>