للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولو طَافَ على جِدَارِ الحِجْرِ، وشَاذَرْوَانِ الكَعْبَةِ، وهو ما فَضَلَ من حَائِطِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّ ذلك من البَيْتِ، فإذا لم يَطُفْ به، فلم يَطُفْ بكلِّ البَيْتِ؛ ولأنَّ (٧) النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طَافَ مِن وَرَاءِ ذلك.

فصل: ولو نَكَسَ الطَّوَافَ، فجَعَلَ البَيْتَ على يَمِينِه، لم يُجْزِئْهُ. وبه قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يُعِيدُ ما كان بمَكَّةَ، فإن رَجَعَ جَبَرَهُ بِدَمٍ؛ لأنَّه تَرَكَ هَيْئَةً فلم تَمْنَع الإجْزَاءَ، كما لو تَرَكَ الرَّمَلَ والاضْطِبَاعَ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَعَلَ البَيْتَ فى الطَّوَافِ على يَسَارِه، وقال عليه السَّلَامُ: "لِتَأْخُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ". ولأنَّها عِبَادَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَيْتِ، فكان التَّرْتِيبُ فيها وَاجِبًا كالصلاةِ، وما قَاسُوا عليه مُخَالِفٌ لما ذَكَرْنَا، كما اخْتَلَفَ حُكْمُ هَيْئَةِ الصلاةِ وتَرْتِيبِها.

٦١٩ - مسألة؛ قال: (ويُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ خلْفَ الْمَقَامِ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّه يُسَنُّ لِلطَّائِفِ أن يُصَلِّىَ بعدَ فَرَاغِه رَكْعتَيْنِ، ويُسْتَحَبُّ أن يَرْكَعَهُما خَلْفَ المَقَامِ؛ لِقَوْلِه تعالى: {وَاتَّخِذُواْ مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} (١). ويُسْتَحَبُّ أن يَقْرَأَ فيهما {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فى الأُولَى، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فى الثانية، فإنَّ جَابِرًا رَوَى فى صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: حَتَّى أَتَيْنَا البَيْتَ معه، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فرَمَلَ ثَلَاثًا، ومَشَى أرْبعًا، ثم نَفَذَ (٢) إلى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ، فقَرَأ: {وَاتّخِذُواْ مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} فجَعَلَ المَقَامَ بينه وبين البَيْتِ. قال محمدُ بن علىٍّ (٣): ولا أعْلَمُهُ إلَّا ذَكَرَهُ عن النَّبِىِّ


= والنسائي، فى: باب الركوب إلى الجمار. . .، من كتاب المناسك. المجتبى ٥/ ٢١٩. وابن ماجه، فى: باب الوقوف بجمع، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٠٦. والإمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٣٠١، ٣١٨، ٣٣٢، ٣٣٧، ٣٦٦، ٣٦٧، ٣٧٨.
(٧) سقطت واو العطف من: ب، م.
(١) سورة البقرة ١٢٥.
(٢) فى الأصل: "تقدم"، والمثبت فى: أ، ب، م، وصحيح مسلم.
(٣) راوى الحديث عن جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>