للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ولم يقُلْ هذا أحدٌ من الصحابةِ، ولا من غيرِهم] (١٤). وإن أرادَ به الأفعالَ التى تكونُ بالتَّراضِى، كالقَرْضِ، والقَبْضِ فيه، وفى الرَّهنِ والبَيْعِ، والافْتراقِ، ونحوِ ذلك، جازَ.

فصل: ولو حضرَ شاهدان حِسابًا بين اثْنَيْنِ (١٥)، شَرَطَا عليهما أن لا يَحْفظَا عليهما شيئًا، كان للشَّاهِدَيْنِ أن يَشْهَدَا بما سَمِعاه منهما، ولم يَسْقُطْ ذلك بشَرْطِهما (١٦)؛ لأنَّ للشَّاهدِ أن يَشْهدَ بما سمِعَه أو عَلِمَه، وذلك قد حصَلَ له، سواءٌ أشَهدَه أو سَمِعَه، وكذلك يَشْهدانِ على العُقودِ بحُضورِها، وعلى الجناياتِ بمُشاهَدتِها، ولا يَحْتاجان إلى إشْهادٍ. وبهذا قال ابنُ سِيرينَ، ومالكٌ، والثَّورىُّ، والشَّافعىُّ.

فصل: والحقوقُ على ضَرْبَيْنِ؛ أحدهما، حقٌّ لآدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ، كالحقوقِ الماليَّةِ، والنِّكاحِ، وغيرِه من العُقودِ والعُقوباتِ، كالقِصاصِ، وحدِّ القَذْفِ، والوقْفِ على آدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ، فلا تُسْمَعُ الشَّهادةُ فيه إِلَّا بعدَ الدَّعْوَى، لأنَّ الشَّهادةَ فيه حقٌّ لآدَمِىٍّ، فلا تُسْتَوْفَى إِلَّا بعدَ مُطالبَتِه وإذْنِه، ولأنَّها حُجَّةٌ على الدَّعْوَى، ودَليلٌ لها، فلا يجوزُ تَقَدُّمُها (١٧) عليها. والضَّرْب الثانى، ما كان حقًّا لآدَمِىٍّ غيرِ مُعَيَّنٍ، كالوَقْفِ على الفُقراءِ، والمساكينِ، أو جميعِ المُسلمين، أو على مَسْجدٍ، أو سِقايةٍ، أو مَقْبَرةٍ مُسَبَّلَةٍ، أو الوَصيَّةِ لشَىءٍ من ذلك، ونحوِ هذا، أو ما كان حقًّا للَّهِ تعالى، كالحُدودِ الخَالِصةِ للَّه تعالى، أو الزَّكاةِ، أو الكفَّارةِ، فلا تَفتَقِرُ الشَّهادةُ به إلى تَقَدُّمِ الدَّعْوَى؛ لأنَّ ذلك ليس له مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ من الآدَمِيِّين يَدَّعِيه، ويُطالِبُ به، ولذلك شهِدَ أبو بَكْرَةَ وأصْحابُه على المُغيرةِ، وشَهِدَ الْجَارودُ وأبو هُرَيْرَةَ على قُدامَةَ بنِ مَظْعُونٍ بشُرْبِ الخمرِ، وشَهِدَ الذين شَهِدُوا على الوَليدِ بنِ عُقْبةَ بشُرْبِ الخَمرِ أيضًا، من غيرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى، فأُجِيزَتْ شَهادتُهم، ولذلك لم يُعْتَبَرْ فى ابْتداءِ الوَقْفِ قَبولٌ من أحدٍ، ولا رِضًى منه. وكذلك ما لا يتعلَّقُ به حقُّ أحدِ الغَرِيمَيْنِ (١٨)، كتَحْريِم الزَّوجةِ بالطَّلاقِ، أو الظِّهارِ، أو إعْتاقِ الرَّقيقِ، تجوزُ الحِسْبَةُ به، ولا تُعْتَبرُ فيه دَعْوَى. ولو شهِدَ شاهِدان بعِتْقِ عَبدٍ أو أمَةٍ


(١٤) جاء هذا فى م بعد قوله: "هل أشهدكم أولا". السابق.
(١٥) فى أ: "رجلين".
(١٦) فى أ، م: "شرطهما".
(١٧) فى الأصل: "تقديمها".
(١٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>