للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحْذُورَة قَبْلَه. فأَمَّا مع حُضُورِهِ فلا يُسْبَقُ بالأذانِ، فإنَّ مُؤَذِّنِى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَكُنْ غَيْرُهُمْ يَسْبِقُهُمْ بالأذانِ.

فصل: وإذا تَشَاحَّ نَفْسَانِ في الأذَانِ قُدِّمَ أكمَلُهما (٢٤) في الخِصَالِ المُعْتَبَرَةِ في التَّأْذِينِ، فيُقَدَّمُ مَنْ كان أعْلَى صوتًا؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِعبدِ اللهِ بْنِ زيدٍ: "أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ، فإنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ (٢٥) ". وقَدَّمَ أبا مَحْذُورَة لصَوْتِهِ (٢٦). وكذلك يُقَدَّمُ مَنْ كان أَبْلَغَ في مَعْرِفَةِ الوقتِ، وأَشَدَّ مُحَافَظَةً عليه، ومَنْ يَرْتَضِيهِ الجِيرَانُ؛ لأَنَّهُمْ أعْلَمُ بِمَنْ يَبْلُغُهُمْ صوتُه ومَنْ هو أعَفُّ عن النَّظَرِ. فإنْ تَسَاوَيَا مِنْ جمِيعِ الجِهَاتِ أُقْرِعَ بينهما؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْه، لَاسْتَهَمُوا". مُتَّفَقٌ عليه (٢٧). ولمَّا تَشَاحَّ الناسُ فِي الأذانِ يومَ القادسِيَّةِ أقْرَعَ بينهم سعدٌ (٢٨).

فصل: ويُكْرَهُ اللَّحْنُ في الأذانِ. فإنَّهُ رُبَّمَا غَيَّرَ المَعْنَى. فإنَّ مَنْ قال: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رسولَ اللهِ، ونَصَبَ لام رسولٍ، أخْرَجَهُ عن كَوْنِهِ خَبَرًا. ولا يَمُدُّ لَفْظَةَ، "أَكْبَر" لأنَّهُ يَجْعَلُ فيها أَلِفًا، فيَصِير جَمْع كَبرَ، وهو الطَّبْلُ. ولَا تَسْقُطُ الهاءُ مِن اسمِ اللهِ تعالى وَاسْمِ الصلاةِ، ولا الحَاءُ مِن الفلاحِ؛ لما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، قال: قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يُؤَذِّنْ لَكُمْ مَنْ يُدْغِمُ الهاءَ" قُلْنَا: وكَيْفَ يَقُولُ؟ قالَ: "يَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لَا إِلَه إلَّا اللَّه (٢٩) أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه (٢٩) ". أخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ في الأفْرادِ. فأَمَّا إنْ كان ألْثَغَ لُثْغَةً لا تَتَفَاحَشُ، جازَ أَذانُهُ، فقد رُوِىَ أنَّ بلَالًا كان يقولُ "أسْهَدُ" يَجْعَلُ الشِّينَ


(٢٤) في م: "أحدهما".
(٢٥) تقدم تخريج حديث عبد اللَّه بن زيد صفحة ٥٦.
(٢٦) تقدم تخريج حديث أبي محذورة، صفحة ٥٧.
(٢٧) سبق تخريجه في حاشية صفحة ٢٠.
(٢٨) انظر: باب الاستهام في الأذان، من كتاب الأذان. صحيح البخاري ١/ ١٥٢. والباب نفسه، من كتاب الصلاة عند البيهقي. السنن الكبرى ١/ ٤٢٩.
(٢٩) مع حذف الهاء في النطق.

<<  <  ج: ص:  >  >>