للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّحَّةَ، كبَيْعِ المُنَابَذَةِ والمُلَامَسَةِ وسَائِرِ البُيُوعِ الفاسِدَةِ، وشَرِكَةُ العِنَانِ تَصِحُّ من الكَافِرَينِ والكافِر والمُسْلِمِ، بِخِلَافِ هذا.

٨٢٩ - مسألة؛ قال: (والرِّبْحُ عَلَى مَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ)

يعني في جَمِيعِ (١) أقْسامِ الشَّرِكَةِ. ولا خِلَافَ في ذلك في المُضارَبةِ المَحْضَةِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ للعامِلِ أن يَشْتَرِطَ على رَبِّ المالِ ثُلُثَ الرِّبْحِ، أو نِصْفَه، أو ما يُجْمِعَانِ عليه، بعدَ أن يكونَ ذلك مَعْلُومًا جُزْءًا من أجْزَاء. ولأنَّ اسْتِحْقاقَ المُضَارِبِ الرِّبْحَ بعَمَلِه، فجازَ ما يَتَّفِقانِ عليه من قَلِيلٍ وكَثِيرٍ، كالأُجْرَةِ في الإِجارَةِ، وكالجُزْءِ من الثَّمَرةِ في المُسَاقاةِ والمُزَارَعةِ. وأمَّا شَرِكَةُ العِنَانِ، وهو أن يَشْتَرِكَ بَدَنانِ بمالَيْهِما، فيجوزُ أن يَجْعَلَا الرِّبْحَ على قَدْرِ المالَيْنِ، ويجوزُ أن يَتَساوَيَا مع تَفَاضُلِهِمَا في المالِ، وأن يَتَفَاضَلَا فيه مع تَسَاوِيهِما في المالِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال مالِكٌ والشَّافِعِىُّ: من شَرْطِ صِحَّتِها كَوْنُ الرِّبْحِ والخُسْرَانِ على قَدْرِ المالَيْنِ؛ لأنَّ الرِّبْحَ في هذه الشَّرِكَةِ تَبَعٌ للمالِ، بدَلِيلِ أنَّه يَصِحُّ عَقْدُ الشَّرِكَةِ، وإطْلاقُ الرِّبْحِ، فلا يجوزُ تَغْيِيرُه بالشَّرْطِ، كالوَضِيعَةِ. ولَنا، أنَّ العَمَلَ ممَّا يُسْتَحَقُّ به الرِّبْحُ، فجازَ أن يَتَفاضَلَا في الرِّبْحِ مع وُجُودِ العَمَلِ منهما، كالمُضَارِبَيْنِ لرَجُلٍ واحدٍ، وذلك لأنَّ أحَدَهما قد يكونُ أبْصَرَ بالتِّجارَةِ من الآخَرِ، وأقْوَى على العَمَلِ، فجازَ له أن يَشْتَرِطَ زِيَادَةً في الرِّبْحِ في مُقَابَلَةِ عَمَلِه، كما يُشْتَرَطُ الرِّبْحُ في مُقَابَلَةِ عَمَلِ المُضَارِبِ. يُحقِّقُه أنَّ هذه الشَّرِكَةَ مَعْقُودةٌ على المالِ والعَمَلِ جَمِيعًا، ولكلِّ واحدٍ منهما حِصَّةٌ من الرِّبْحِ إذا كان مُفْرَدًا (٢)، فكذلك إذا اجْتَمَعًا، وأمَّا حالَةُ الإِطْلاقِ، فإنَّه لمَّا لم يَكُنْ (٣) بينهما شَرْطٌ يُقْسمُ الرِّبْحُ عليه، ويَتَقَدَّرُ به، قَدَّرْناهُ بالمالِ، لِعَدَمِ الشَّرْطِ، فإذا وُجِدَ الشَّرْطُ، [فهو الأَصْلُ] (٤)، فيَصِيرُ إليه، كالمُضَارَبةِ يُصَارُ إلى الشَّرْطِ، فإذا عُدِمَ، وقالا (٥): الرِّبْحُ


(١) سقط من: أ.
(٢) في م: "منفردا".
(٣) في ب، م: "يمكن".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) في م: "وقال".

<<  <  ج: ص:  >  >>