للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنِّيَّاتِ" (١٩). أليس يُرِيدُ أن يَنْوِىَ أنَّه مِن رمضانَ؟ قال: لا، إذا نَوَى من اللَّيْلِ

أَنَّه صَائِمٌ أجْزَأهُ. وحَكَى أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، عن بعضِ أصْحابِنَا أنَّه قال: ولو نَوَى (٢٠) أن يَصُومَ تَطَوُّعًا لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ من رمضانَ، فوَافَقَ رمضانَ، أجْزَأَهُ. قال القاضى: وَجَدْتُ هذا الكَلامَ اخْتِيَارًا لأبى القاسمِ، ذَكَرَهُ في "شَرْحِه". وقال أبو حَفْصٍ: لا يُجْزِئُه، إلَّا أن يَعْتَقِدَ من اللَّيْلِ بلا شَكٍّ ولا تَلَوُّمٍ (٢١). فعلَى القَوْلِ الثانِى: لو نَوَى في رمضانَ الصَّوْمَ مُطْلَقًا، أو نَوَى نَفْلًا، وَقَع عن رمضانَ، وصَحَّ صَوْمُه. وهذا قَوْلُ أبى حنيفةَ إذا كان مُقِيمًا؛ لأنَّه فَرْضٌ مُستْحَقٌّ في زَمَنٍ بِعَيْنِه، فلا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ له، كطَوَافِ الزِّيَارَةِ. ولَنا، أنَّه صَوْمٌ واجِبٌ، فوَجَبَ تَعْيِينُ النِّيَّةِ له، كالقَضاءِ وطَوافِ الزِّيارَةِ، كمَسْأَلَتِنَا في افْتِقَارِه إلى التَّعْيِينِ، فلو طَافَ يَنْوِى به الوَدَاعَ، أو طَافَ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ مُطْلَقًا، لم يُجْزِئْه عن طَوَافِ الزِّيَارَةِ. ثم الحَجُّ [يُخالِفُ الصَّوْمَ] (٢٢)، ولهذا يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا، ويَنْصَرِفُ إلى الفَرْضِ. ولو حَجَّ عن غيرِه، ولم يَكُنْ حَجَّ عن نَفْسِه، وَقَعَ عن نَفْسِه. ولو نَوَى الإِحْرامَ بمثل ما أَحْرَمَ به فُلَانٌ، صَحَّ، ويَنْعَقِدُ فَاسِدًا، بخِلافِ الصَّوْمِ.

فصل: ولو نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ، إن كان غَدًا من رمضانَ فأنا صَائِمٌ فَرْضًا، وإلَّا فهو نَفْلٌ. لم يُجْزِئْهُ، على الرِّوَايَةِ الأُولَى، لأنَّه لم يُعَيِّن الصَّوْمَ من رمضانَ جَزْمًا، ويُجْزِئُه على الأُخْرَى؛ لأنَّه قد نَوَى الصَّوْمَ. ولو كان عليه صَوْمٌ من سَنَة خَمْسٍ، فنَوَى أنَّه يَصُومُ عن سَنَة سِتٍّ، أو نَوَى الصَّوْمَ عن يَوْمِ الأحَدِ، وكان الاثْنَيْن، أو ظَنَّ أنَّ غَدًا الأحَدُ، فنَوَاهُ، وكان الاثْنَيْن، صَحَّ صَوْمُه؛ لأنَّ نِيَّةَ الصَّوْمِ لم تَخْتَلَّ،


(١٩) تقدم تخريجه في: ١/ ١٥٦.
(٢٠) في م زيادة: "نفلا وقع عنه رمضان وصح صومه وهذا قول أبي حنيفة. وقال بعض أصحابنا: ولو نوى". وهو تكرار لما سيأتى بعد قليل.
(٢١) في الأصل: "تلاوم".
(٢٢) في أ، ب، م: "مخالف للصوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>