للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢١٠ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا خلَا بِهَا بَعْد الْعَقْدِ، فَقَالَ: لَمْ أَطَأْهَا. وَصَدَّقَتْهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِمَا، وَكَانَ حُكمُهمَا حُكْمَ الدُّخولِ، فِى جَمِيعِ أُمُورِهِمَا، إِلَّا فِى الرُّجُوع إِلَى زوْجٍ طَلّقَها ثَلَاثًا، أَوْ فِى الزِّنَى، فإِنَّهُمَا يُجْلَدانِ، ولَا يُرْجَمَانِ)

وجملةُ ذلك أَنَّ الرجلَ إذا خَلَا بامْرأتِه بعدَ العَقْدِ الصَّحيحِ، اسْتَقَرَّ عليه مَهْرُها، ووَجَبَتْ عليها العِدَّةُ، وإن لم يَطَأْ. رُوِىَ ذلك عن الخلفاءِ الرَّاشدِينَ، وزيدٍ، وابنِ عمرَ. وبه قال علىُّ بن الحسينِ، وعُرْوةُ، وعَطاءٌ، والزُّهْرِىُّ، والأَوْزَاعىُّ، وإسْحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وهو قديمُ قَوْلَى الشافعىِّ. وقال شُرَيحٌ، والشَّعْبِىُّ، وطاوُسٌ، وابنُ سِيرِينَ، والشافعىُّ فى الجديدِ: لا يَسْتَقِرُّ إلَّا بالوَطْءِ. وحُكِىَ ذلك عن ابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ. ورُوِىَ نحوُ ذلك عن أحمدَ. ورَوَى عنه يَعْقُوبُ بن بختانَ، أنَّه قال: إذا صَدَّقَتْه المرأةُ، أنَّه لم يَطَأْها، لم يُكْمِلْ لها الصَّداقَ، وعليها العِدَّةُ. وذلك لقولِ اللَّه تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} (١). وهذه قد طَلَّقَها قبلَ أن يَمَسَّها. وقال تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (٢). والإفْضاءُ: الجِمَاعُ. ولأنَّها مُطَلَّقةٌ لم تُمَسَّ، أشْبَهَتْ مَن لم يُخْلَ بها. ولَنا: إجْماعُ الصَّحابةِ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، رَوَى الإِمامُ أحمدُ، والأَثْرَمُ، بإسْنادِهما، عن زُرَارةَ بن أَوْفَى، قال: قَضَى الخلفاءُ الراشِدُونَ المَهْدِيُّونَ، أَنَّ مَنْ أَغْلَقَ بابًا، أو أَرْخَى سِتْرًا، فقد وَجَبَ المَهْرُ، ووَجَبتِ العِدّةُ (٣).


(١) سورة البقرة ٢٣٧.
(٢) سورة النساء ٢١.
(٣) أخرجه البيهقى، فى: باب من قال: من أغلق بابا وأرخى سترا. . .، من كتاب الصداق. السنن الكبرى ٧/ ٢٥٥، ٢٥٦. وابن أبى شيبة، فى: باب إذا أغلق الباب وأرخى الستر، من كتاب النكاح. المصنف ٤/ ٢٣٥. وسعيد بن منصور، فى: باب فيما يجب الصداق. السنن ١/ ٢٠٢. ولم نجده فى المسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>