للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَصَّ فيه، ولا (٤٣) يَصِحُّ قِياسُه على الثَّمنِ في (٤٤) المَبِيعِ؛ لأنَّ الثمنَ كلُّ مَقْصُودِ البائعِ، والعادَةُ تَعْجيلُه، والصَّداقُ فَضْلةٌ (٤٥) ونِحْلةٌ، ليس هو المقْصودَ في النِّكاحِ، ولذلك لا يَفْسُدُ النكاحُ بِفَسادِه، ولا بتَرْكِ ذِكْرِه، والعادَةُ تأخِيرُه، ولأنَّ أكثرَ مَنْ يشْتَرِى بثَمَنٍ حالٍّ يكون مُوسِرًا به، وليس الأكثرُ أنَّ مَنْ تزَوَّجَ بمَهْرٍ يكون مُوسِرًا به، ولا يَصِحُّ قِياسُه على النَّفَقةِ؛ لأنَّ الضَّرورةَ لا تَنْدَفِعُ إلَّا بها، بخلافِ الصَّداقِ، فأشْبَهُ شيءٍ به النَّفَقةُ الماضيةُ. وللشافعيِّ نحوُ هذه الوُجُوهِ. وإذا (٤٦) قُلْنا: لها الفَسْخُ للإِعْسارِ به. فتَزَوَّجَتْه عالمةً بعُسْرَتِه، فلا خِيارَ لها، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّها رَضِيَتْ به كذلك. وكذلك إن عَلِمَتْ عُسْرَتَه بعدَ العَقْدِ، فرَضِيَت بالمُقامِ، سَقَطَ حَقُّها من الفَسْخِ؛ لأنَّها رَضِيَتْ بإسْقاطِ حَقِّها بعدَ وُجُوبِه (٤٧)، فسَقَطَ، كما لو رَضِيَتْ بعُنَّتِه (٤٨).

فصل: ونَفَقةُ الأمَةِ المُزَوَّجةِ حَقٌّ لها ولسَيِّدِها؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَنْتَفِعُ جها، ولكلِّ واحدٍ منهما طَلَبُها إن امْتنعَ الزَّوجُ مِن أدائِها، ولا يَمْلِكُ واحدٌ منهما إسْقاطَها؛ لأنَّ في سُقُوطِها بإسْقاطِ أحَدِهما ضَرَرًا بالآخَر. وإن أعْسَرَ الزَّوجُ بها، فلها الفَسْخُ؛ لأنَّه عَجَزَ عن نَفَقَتِها، فَمَلَكَتِ الفَسْخَ، كالحُرَّةِ، وإن لم تَفْسَخْ، فقال القاضي: لسَيِّدِها الفَسْخُ؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا في عَدَمِها، لما يتَعَلَّقُ بفَواتِها من فَواتِ مِلْكِه وتَلَفِه، فإن أنْفَقَ عليها سَيِّدُها مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ، فله الرُّجوعُ بها على الزَّوجِ، رَضِيَتْ بذلك أو كَرِهَتْ؛ لأنَّ الدَّيْنَ خالِصُ حَقِّه، لا حَقَّ لها فيه، وإنَّما تعَلّقَ حقُّها بالنَّفقةِ الحاضرةِ، لوُجُوبِ صَرْفِها إليها، وقَوَامِ بَدَنِها بها، بخلافِ الماضِيَةِ. وقال أبو الخَطَّاب، وأصحابُ الشافعيِّ: ليس لسَيِّدِها الفَسْخُ لعُسْرَةِ زَوْجِها بالنَّفقةِ؛ لأنَّها حَقٌّ لها، فلم يَمْلِكْ سيِّدُها الفَسْخَ دُونَها، كالفَسْخِ للعَيْبِ، فإن كانت مَعْتُوهةً، أنْفَقَ المَوْلَى،


(٤٣) في الأصل: "فلا".
(٤٤) سقط من: ب، م.
(٤٥) في ب: "وصلة".
(٤٦) سقطت الواو من: ب، م.
(٤٧) في الأصل، ب: "وجوبها".
(٤٨) في النسخ: "بعينه".

<<  <  ج: ص:  >  >>