للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان يَقْرأ فى الرَّكْعَتَيْنِ {قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ}، و {قُلْ ياأَيُّهَا الكَافِرُونَ} (٤). وحَيْثُ رَكَعَهما ومهما قَرَأ فيهما، جَازَ؛ فإنَّ عمرَ رَكَعَهما بِذِى طُوًى. ورُوِىَ أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لأُمِّ سَلَمَةَ: "إذَا أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ، فَطُوفِى على بَعِيرِكِ والنَّاسُ يُصَلُّونَ" (٥). ففَعَلَتْ ذلك، فلم تُصَلِّ حتى خَرَجَتْ. ولا بَأْسَ أن يُصَلِّيَهما إلى غيرِ سُتْرَةٍ، ويَمُرَّ بين يَدَيْهِ الطَّائِفُونَ من الرِّجَالِ والنِّسَاءِ، فإنَّ النبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّاهُما والطُّوَّافُ بين يَدَيْهِ، ليس بينهما شىءٌ (٦). وكان ابنُ الزُّبَيْرِ يُصَلِّى والطُّوَّافُ بين يَدَيْهِ، فتَمُرُّ المَرْأَةُ بين يَدَيْهِ، فيَنْتَظِرُها حتى تَرْفَعَ رِجْلَها، ثم يَسْجُدُ (٧). وكذلك سَائِرُ الصَّلَوَاتِ فى مَكَّةَ، لا يُعْتَبَرُ لها سُتْرَةٌ. وقد ذَكَرْنَا ذلك.

فصل: وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ غيرُ وَاجِبَةٍ. وبه قال مَالِكٌ. ولِلشَّافِعِىِّ قَوْلَانِ؛ أحَدُهما، أنَّهما وَاجِبَتانِ؛ لأنَّهما تَابِعَتانِ لِلطَّوَافِ، فكانَتَا وَاجِبَتَيْنِ، كالسَّعْىِ. ولَنا، قَوْلُه عليه السَّلَامُ: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللهُ عَلَى العَبْدِ، مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِنَّ كَانَ له عِنْدَ اللهِ عَهْدٌ أن يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ" (٨). وهذه ليستْ منها. ولما سَأَل الأعْرَابِىُّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الفَرَائِضِ، ذَكَرَ الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ، قال: فهل عَلَىَّ غَيْرُها؟ قال: "لَا، إلَّا أن تَطَوَّعَ" (٩). ولأنَّها صَلَاةٌ لم تُشْرَعْ لها جَمَاعَةٌ، فلم تَكُنْ وَاجِبَةً، كسَائِرِ النَّوَافِلِ، والسَّعْىُ ما وَجَبَ لِكَوْنِه تَابِعًا، ولا هو مَشْرُوعٌ مع


(٤) تقدم تخريجه فى صفحة ١٥٦.
(٥) أخرجه البخارى، فى: باب من صلى ركعتي الطواف خارجا. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ١٨٩.
(٦) تقدم تخريجه فى ٣/ ٨٩.
(٧) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب لا يقطع الصلاة شىء بمكة، من كتاب الصلاة. المصنف ٢/ ٣٥.
(٨) أخرجه النسائى، فى: باب المحافظة على الصلوات الخمس، من كتاب الصلاة. المجتبى ١/ ١٨٦. والإمام مالك، فى: باب الأمر بالوتر، من كتاب صلاة الليل. الموطأ ١/ ١٢٣.
(٩) تقدم تخريجه فى ٢/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>