للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"آللَّهِ مَا أَردْتَ إِلَّا وَاحِدَةً" (٩). وفى حديثِ الحَضْرَمِىِّ والكِنْدِىِّ، أَنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ ". قال: لا، ولكن احَلِّفُهُ، واللَّهِ ما يَعْلَمُ أنَّها أرْضِى غَصَبَنِيها. رواه أبو داودَ (١٠). وقال عثمانُ لابنِ عمرَ: تحْلِفُ باللَّهِ لقد بِعْتَه وما به داءٌ تَعْلَمُه (١١). ولأنَّ فى اللَّهِ (١٢) كفايةً، فوجبَ أن يُكْتفَى باسْمِه فى اليَمِينِ، كالمَوْضعِ الذى سَلَّمُوه. فأمَّا حديثُ ابنِ عباس وعمرَ، فإنَّه يدُلُّ على جوازِ الاسْتِحْلافِ كذلك، وما ذكرْناه يدُلُّ على الاكْتفاءِ باسمِ اللَّهِ وحدَه، وما ذكرَه الباقون فتَحَكّمٌ لا نَصَّ فيه، ولا قِياسَ يَقْتضِيه. إذا ثبتَ هذا، فإِنَّ اليَمِينَ فى حقِّ المُسلمِ والكافرِ جميعًا باللَّهِ تعالى، لا يَحْلفُ أحدٌ بغَيرِه؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}. ولِقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ ليَصْمُتْ" (١٣).

فصل: وتُشْرَعُ اليَمِينُ فى حقِّ كلِّ مُدَّعًى عليه، سواءٌ كان مُسلمًا أو كافرًا، عَدْلًا أو فاسقًا، امرأةً أو رَجلًا؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" (١٤). وروَى شَقِيقٌ، عن الأشْعَثِ بنِ قَيْسٍ، قال: كان بينى وبينَ رَجلٍ من اليهودِ أرضٌ، فَجَحَدَنِى، فقَدَّمْتُه إلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال لى رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ؟ ". قلتُ: لا. قال لليَهُودِىِّ: "احْلِفْ". قلتُ: إذًا يَحْلِفُ، فيَذْهَبُ بمالى. فأَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (١٥). إلى آخرِ الآيةِ. روَاه البُخارىُّ وأبو داودَ وابنُ ماجَه (١٦). وفى حديثِ الحَضْرَمِىِّ، قلتُ: إنَّه رجلٌ فاجِرٌ،


(٩) تقدم تخريجه، فى: ١٠/ ٣٦٤.
(١٠) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٣٢.
(١١) أحرجه الإِمام مالك، فى: باب العيب فى الرقيق، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦١٣. والبيهقى، فى: باب بيع البراءة، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥٠/ ٣٢٨. عبد الرزاق، فى: باب البيع بالبراءة، من كتاب البيوع. المصنف ٨/ ١٦٢، ١٦٣.
(١٢) فى أ: "ذلك".
(١٣) تقدم تخريجه، فى: ١١/ ٦.
(١٤) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٥٨٧.
(١٥) سورة آل عمران ٧٧.
(١٦) أخرجه البخارى، فى: باب كلام الخصوم بعضهم فى بعض، من كتاب الخصومات، وفى: باب سؤال الحاكم =

<<  <  ج: ص:  >  >>