للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العراقِ: إذا ارْتَدَّ الزَّوجان معا، فهما على النِّكاحِ؛ لأنَّ دِينَهما لم يخْتلِفْ، فأشْبَها الكافِرَيْن الأصْلِيَّيْن، إلَّا أنَّهما لا يتوارَثانِ فى دارِ الإسلامِ؛ لأنَّ المُرْتَدَّ لا يَرِثُ المُرْتَدَّ ما داما فى دارِ الإسلام، فإن لحِقَا بدارِ الحَرْبِ تَوارَثَا؛ لأنَّ حُكْمَهما صار كحُكْمِ أهلِ دارِ الحَرْبِ. ولَنا، أنَّهما لا يتوَارَثان فى دارِ الحَرْبِ كالمسلمِ مع الكافرِ.

١٠٤٦ - مسألة؛ قال: (وَكَذَلِكَ مَنْ أَسْلَمَ عَلى مِيرَاثٍ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ، قُسِمَ لَهُ).

اختلفتْ الرِّوايةُ فى مَن أسْلَمَ قبلَ قَسْمِ ميراثِ مَوْرُوثِه المسلِمِ؛ فنقلَ الأثْرَمُ، ومحمدُ بنُ الحَكَمِ، أنَّه يَرِثُ. ورُوِىَ نحوُ هذا عن عمرَ، وعثمانَ، والحسنِ بنِ علىٍّ، وابنِ مَسْعودٍ. وبه قال جابرُ بنُ زَيْدٍ، والحسَنُ، ومَكْحولٌ، وقتادةُ، وحُمَيْدٌ، وإياسُ بنُ معاويةَ، وإسحاقُ، فعلى هذا إنْ أسْلَم قَبْلَ قَسْمِ بَعْض المالِ وَرِثَ ممَّا بَقِىَ. وبه قال الحسنُ. ونَقَلَ أبو طالبٍ، فى مَن أسْلَمَ بَعْدَ المَوْتِ: لا يَرِثُ، قدْ وَجَبَت المواريثُ لأهْلِها. وهذا المشهورُ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وبه قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، وعطاءٌ، وطاوسٌ، والزُّهْرِىُّ، وسليمانُ بنُ يَسَارٍ، والنَّخَعِىُّ، والحَكَمُ، وأبو الزِّنادِ، وأبو حنيفةَ، ومالكٌ، والشّافِعىُّ، رضِىَ اللَّهُ عنهم، وعامَّةُ الفُقهاءِ؛ لقولِ النّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ" (١). ولأنَّ المِلْكَ قد انتقلَ بالموْتِ إلى المسلمين، فلم يُشارِكْهم مَنْ أسلمَ، كما لو اقْتَسَموا، ولأنَّ المانِعَ من الإرْثِ مُتحَقِّقٌ حالَ وُجودِ المْوتِ، فلم يَرِثْ، كما لو كان رَقِيقًا فأُعْتِقَ، أو كما لو بَقِىَ على كُفْرِه. ولنَا، قولُ النّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَىْءٍ فَهُوَ لهُ". رواه سعيدٌ (٢) من طَرِيقَيْن عن عُرْوَةَ، وابنِ أبى مُلَيْكَةَ، عنِ النّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورَوَى أبو داودَ (٣)، بإسْنادِه: عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال


(١) تقدم تخريجه فى صفحة ١٥٥.
(٢) فى: باب من أسلم على الميراث قبل أن يقسم، سنن سعيد بن منصور ١/ ٧٦.
كما أخرجه البيهقى، فى: باب من أسلم على شىء فهو له، من كتاب السير. السنن الكبرى ٩/ ١١٣.
(٣) فى: باب فى من أسلم على ميراث، من كتاب الفرائض. سنن أبى داود ٢/ ١١٤. =

<<  <  ج: ص:  >  >>