للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَحْتَمِلُ أن يكونَ مُسْتَحَبًّا، والأَوَّلُ أشْبَه بظَاهِرِ كَلَامِهِ. وقال أبو الخَطَّابِ: الشَّرْطُ الثاني، أن يُوَلِّىَ مَن يَبِيعُ، ويكونَ هو أحدَ المُشْتَرِينَ. فإن قيل: فكيف يجوزُ له دَفْعُها إلى غيرِه لِيَبِيعَها، وهذا تَوْكِيلٌ وليس لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ؟ قُلْنا: يجوزُ التَّوْكِيلُ فيما لا يَتَوَلَّى مِثْلَه بِنَفْسِهِ، والنَّدَاءُ ممَّا لم تَجْرِ العادَةُ أن يَتَوَلَّاهُ أَكْثَرُ الناسِ بِنُفُوسِهِم. وإن وَكَّلَ إنْسانًا يَشْتَرِى له، وبَاعَه هو، جازَ على هذه الرِّوَايَةِ؛ لأنَّه امْتَثَلَ أمْرَ مُوَكِّلِه في البَيْعِ، وحَصَّلَ غَرَضَه من الثَّمَنِ، فجازَ، كما لو اشْتَراهَا أجْنَبِىٌّ. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ لِلْوَصِىِّ الشِّرَاءُ دُونَ الوَكِيلِ؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٢). وإذا اشْتَرَى مالَ اليَتِيمِ بأكثَرَ من ثَمَنِ مِثْلِه، فقد قَرِبَهُ بالتى هي أحْسَنُ. ولأنَّه نائِبٌ عن الأَبِ، وذلك جائِزٌ للأَبِ، فكذلك لِنَائِبِه. ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، أنَّ العُرْفَ في البَيْعِ بَيْعُ الرَّجُلِ من غيرِه، فحُمِلَتِ الوَكَالَةُ عليه، كما لو صَرَّحَ به، فقال: بِعْهُ غيرَكَ. ولأنَّه تَلْحَقُه التُّهْمَةُ، ويَتَنَافَى الغَرَضانِ في بَيْعِه نَفْسَهُ، فلم يَجُزْ، كما لو نَهَاهُ. والوَصِىُّ كالوَكِيلِ، لأنَّه (٣) يَلِى بَيْعَ مالِ غيرِه بِتَوَلِّيه (٤)، فأشْبَه الوَكِيلَ، بل التُّهْمَةُ في الوَصِىِّ آكَدُ [من الوَكِيلِ] (٥)؛ لأنَّ الوَكِيلَ يُتَّهَمُ في تَرْكِ الاسْتِقْصَاءِ في الثَّمَنِ لا غيرُ، والوَصِىُّ يُتَّهَمُ في ذلك، وفى أنَّه يَشْتَرِى من مالِ اليَتِيمِ ما لَا حَظَّ لِلْيَتِيمِ في بَيْعِه، فكان أَوْلَى بالمَنْعِ، وعند ذلك لا يكونُ أَخْذُهُ لمالِه قُرْبًا له بالتى هي أحْسنُ. وقد رُوِىَ عن ابنِ مَسْعُودٍ، أنَّه قال في رَجُلٍ أَوْصَى إلى رَجُلٍ بِتَرِكَتِه، وقد تَرَكَ فرَسًا، فقال الوَصِىُّ: أشْتَرِيه (٦)؟ قال: لا.

فصل: والحُكْمُ في الحاكِمِ وأَمِينِه، كالحُكْمِ في الوَكِيلِ، والحُكْمُ في بَيْعِ أحَدِ هَؤُلاءِ لِوَكِيلِه، أو وَلَدِه الصَّغِيرِ، أو طِفْلٍ (٧) يَلِى عليه، أو لِوَكِيلِه، أو عَبْدِه


(٢) سورة الإسراء ٣٤.
(٣) في م: "لا".
(٤) في م زيادة: "فأشبه الوكيل أو متهم".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) في ب، م: "اشتره".
(٧) في ب، م: "الطفل".

<<  <  ج: ص:  >  >>